بري يتخوّف من حرب اسرائيلية ويحضّ على التضامن

توزّع الاهتمام اللبناني أمس على ثلاثة محاور: الحراك الداخلي في محاولة لإضفاء زخم جديد على عملية التأليف الحكومي، وعملية الجيش والقوى الامنية الواسعة في البقاع الغربي بحثاً عن الاستونيين السبعة المخطوفين بعد توقيف بعض المتورطين في خطفهم، والتطورات السورية في ضوء خطاب الرئيس بشار الاسد اليوم، بعد قبوله استقالة حكومة محمد ناجي العطري امس.?? ولم يشأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الخوض في ما يدور بشأن التأليف، مؤكدا انه لا يتدخل في هذا الأمر، وإن كان يرغب في ولادة الحكومة سريعا، مشيرا الى أن المعوقات داخلية وسببها الخلافات حول بعض المسائل المتصلة بالأحجام والحقائب. وقال بري لـ "الجمهورية": "المطلوب بقوة، وأكثر من أي وقت مضى، حصول تضامن وطني لبناني، خصوصا في المجال الأمني من أجل المحافظة على أمن البلاد واستقرارها، ولا ينبغي ربط هذا الأمن بما يدور حول الوضع الحكومي"، مستشهدا بالأزمة الحكومية القائمة في بلجيكا والتي لم تؤثر في شؤون ذلك البلد في مختلف مجالاتها. وأضاف: "ان الحفاظ على الأمن مسألة حيوية جدا، خصوصا في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة، وعلى الجميع التعاون لما فيه مصلحة الأمن اللبناني والأمن السوري، ولا يجوز لأي فريق لبناني التدخّل في الأمن السوري، لأن أمن لبنان من أمن سوريا، وأمن سوريا من أمن لبنان وهو أمر تفرضه العلاقة اللبنانية - السورية واتفاق الطائف، الذي يقول بألاّ يكون لبنان مصدر خطر على أمن سوريا وبالعكس".


وقال بري انه يخالف كل مَن يقول ان اسرائيل ليست في وارد القيام بأي حرب ضد لبنان، وأكد "إنني أخشى فعلا من ان تشنّ إسرائيل مثل هذه الحرب على لبنان، خصوصا اذا تعرّض أمن لبنان لاضطراب او ما شابه". وكشف ان السفارة السورية في بيروت وجّهت رسائل الى جميع المراجع والقيادات السياسية اللبنانية، تلفت فيها الى ان هناك جهات سياسية وضباطا لبنانيين متورطون في الاضطرابات التي حصلت في سوريا، وهذا أمر لا يجوز، وينبغي معالجته حفاظا على أمن لبنان وسوريا.


واستبعد بري أن تعود تسوية الـ "س. س" بالروحية التي كانت فيها قبل اشهر،"لكن التواصل السوري - السعودي مفيد للبلدين وللبنان، خصوصا أن دمشق ساعدت الرياض في العمل على ايجاد حل لقضية البحرين"، كذلك استبعد ان يكون لهذا التواصل تأثير في عملية التأليف، مشيرا الى "ان معوقات التأليف داخلية"، رافضا الدخول في التفاصيل.


الى ذلك، شهدت فردان اجتماعا بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والوزيرين غازي العريضي وجبران باسيل و"الخليلين" النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل بغية التشاور في آخر الاتصالات في شأن التأليف، وذلك غداة لقاء ليلي بين السيد حسن نصر الله والنائب وليد جنبلاط في حضور العريضي والحاج وفيق صفا.


في هذا الوقت، نعى النائب ميشال عون، بعد اجتماع "تكتّل الاصلاح والتغيير"، التفاؤل في التشكيل، مؤكدا ان العقبات لا تزال على حالها، رافضا عودة الوزير زياد بارود الى وزارة الداخلية "نتيجة أدائه السيئ في خلال توَلّيه الحكم وللمرجعية التي يمثلها"، معتبرا أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي "نَوّه ببارود، ولكنه لم يدعمه في توزيره في الداخلية، وهم يحاولون خلق المشاكل بيننا وبين البطريرك". وقال: "ليس لرئيس الجمهورية ان يحدد كيف ستتوزع الحصص".


وفيما ذكرت مصادر التكتل "ان مشروع حكومة الأمر الواقع الذي تحدث عنه ميقاتي قد بُني على معادلة 16 / 14، وهي معادلة غريبة عجيبة تقلب الموازين لمصلحة التكنوقراط وكل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميقاتي وجنبلاط، مقابل 14 وزيرا لنا ولحلفائنا"، قالت مصادر المجتمعين ان النائب خليل أيّد نظرية العريضي لتدوير الزوايا، وكأنه يبحث عن مخرج لتوفير انطلاقة الحكومة الجديدة، بمعزل عن بعض الشروط التي يمكن تجاوزها أوالتعويض عنها، فيما كان ممثل "حزب الله" اكثر تشددا في ملف تمثيل المعارضة السنية، مع الإصرار على بعض "الأسماء النافرة" وفق قاموس ميقاتي، الذي أشار الى أن تسمية فيصل كرامي "ستتسبب بإشكالية كبرى في طرابلس لم تُحَل بعد، وان حليفه أحمد كرامي لم يتجاوزها بعد، والجهود التي بذلت لم تصل الى خواتيمها الإيجابية. واعتبر باسيل ان التمثيل النسبي لنا لا يترجم إلا بـ 12 وزيرا من اصل 15، تاركا للتكنوقراط ولسليمان 3 حقائب لا أكثر ولا اقل.


ووصفت مصادر ميقاتي اللقاء بأنه "جيد"، وأنه عُقِد بناء على طلب الأطراف الثلاثة للتشاور في الأفكار، انطلاقا من موقفه المتمسّك بالدستور الذي يوليه مهمّة التكليف بالتعاون مع رئيس الجمهورية. وقالت ان مواقف ميقاتي واضحة جدا، وقد سبق له ان شرح وجهة نظره غير مرة، وانفتاحه على الأطراف كافة والأفكار والمقترحات لبلورة صورة الحكومة الجديدة. ولفتت الى أن في جيبه تشكيلتين حكوميتين، وهو يأمل في ان تكون اي منهما بداية حل للأزمات في لبنان.


وعشية الخطاب المفصلي للأسد، ترافقت المسيرات المليونية التي شهدتها المحافظات السورية مع تأكيدات لبنانية، ولا سيما من تيار"المستقبل"، على "أنّ التعرض لسوريا ولو بكلمة هو أمر مستنكر ومرفوض رفضا باتّا"، على حدّ إعلان النائب بهية الحريري التي قالت ان سوريا "دولة نحترمها" وإن "أيّ خلل يؤدي إلى فتنة نحن ضدها، وإن سلامة الناس والبلد والعلاقة السنية ـ الشيعية والمسيحية ـ الاسلامية هي قبل كل شيء". وشددت على أن "لدينا عَدوّ وحيد هو اسرائيل فقط". وترافق كلام الحريري مع جملة مواقف لنوّاب "المستقبل"، أكّدت أنّ أي تدخل لبناني في سوريا هو خاطئ، وسينعكس سلبا على لبنان.


وقالت مصادر مطلعة لـ "الجمهورية" إن موقف الحريري لم يحمل أي مفاجأة بشأن الوضع في سوريا، وانّ "المستقبل" ومعه مكوّنات 14 آذار التزموا منذ فترة عدم التعرّض لها، على رغم سقوط الـ "سين - سين" قبل أيام على استقالة وزراء المعارضة السابقة من حكومة الوحدة الوطنية، وهو أمر كان واضحا في خطابات 13 آذار ومواقفها، ولا حاجة لإعادة التذكير بها.


وسخرت المصادر من أي رواية أخرى يُشتَمّ منها أنّ هذه القوى تراهن على حوادث أمنية تقلب النظام في سوريا، وقالت إنّ الحديث عن تورّط مسؤولين في "المستقبل" بأحداث درعا واللاذقية "هو مجرد رواية تافهة وسخيفة". فيما ربطت مصادر 14 آذار بين موقف "المستقبل" والتوجهات السعودية التي عبّر عنها الملك عبد الله بن عبد العزيز في اتصاله بالأسد، بعد لقائه الرئيس سعد الحريري في الرياض. قائلة: "ليس في الأمر مصادفة، وهو أمر تدركه القيادة السورية جيدا".?


الاستونيون


ومن جهة ثانية وفي جديد قضية خطف الاستونيين السبعة في البقاع، علمت "الجمهورية" ان الجيش اللبناني والقوى الامنية ضيقت الخناق على مكان الخاطفين في بقعة لا تتعدى خمسة كيلومترات، وقد دهمت كتيبة مجوقلة بعض الاماكن المشبوهة للخاطفين وأخرى من فوج التدخل الرابع، وأفادت المعلومات الواردة ان هناك ثلاثة موقوفين، اثنان منهم لدى قوى الامن الداخلي، والثالث وهو احمد العجمي من مجدل عنجر وهو المشتبه انه كان يقود سيارة الفان التي خطف فيها الاستونيين، وقد أوقفته مخابرات الجيش ويتم التحقيق معه، وستبيّن التحقيقات خلال الساعات المقبلة خلفيات العملية ومَن وراءها. وترددت ليلاً معلومات عن توقيف متورط رابع في عملية الخطف.?

شكرا على المرور