النعش المقلوب لا يبتلع أرواحاً أخرى!!

نشر في العدد الرابع من مجلة يا صور
ــــــــــــــــــــ

في الوجدان الشعبي كثير من المعتقدات والعادات التي لا ترتبط إلا بالخرافة أو الأسطورة والتي لا تجد مستنداً لها سواء في الدين أو في المنطق أو في التفكير العقلي المنهجي.
من هذه المعتقدات أو العادات ما درج عليه الصوريون في التعامل مع النعش الفارغ على أثر إنتهاء جنازة متوفٍ ومواراته في التراب. فبعد نقل الجثمان في النعش مرفوعاً فوق الأكتاف ودفن الجثة في التراب يتم سحب النعش من المكان ونقله بعيداً بشكل مقلوب بحيث تواجه فتحته الأرض، ويقال أن هذه الطريقة في نقل النعش هي لتفادي التسبب بحالات وفاة بين المشيعين، فالنعش الفارغ المحمول بشكل صحيح بحيث تواجه فتحته السماء قد يبتلع روحاً لشخص يقف بقربه أو يمر من جانبه، اما النعش المقلوب فلا يفعلها !!....
ولكن ما هو أساس هذا المعتقد وتاريخه وهل له مستند في العلم والدين؟ هذا ما حاولنا أن نلقي الضوء عليه من خلال هذا التحقيق.....

ــــــــــ فضيلة الشيخ غسان درويش ـــــــ

يقول فضيلة الشيخ غسان درويش ان الموت حق والاعمار بيد الله وحده وبالتالي هناك بعض القضايا والمعتقدات الشعبية الخاطئة المتعلقة بالموت هي خرافات لا اساس لها في الدين على الاطلاق، ومنها ما يعتقده البعض بوجوب قلب النعش بإتجاه الارض بعد الانتهاء من دفن الميت حتى لا يكون مدعاةً لموت آخرين...

ويتابع الشيخ درويش:
هناك اعتقاد مماثل ايضاً لدى بعض الناس انه اذا مات شخص يوم الاثنين فإن المقبرة تفتح باقي ايام الاسبوع حيث يموت من بعده اناس كثيرون، وفي الواقع ان كل هذه الامور هي معتقدات شعبية خاطئة ليس فيها نص او رواية او حديث، فالله وحده يملك مواقيت الاعمار، متى تبدأ، ومتى تنتهي واين وكيف ...
بالمناسبة اود ان الفت النظر ايضاً الى ان عادة اشعال البخور على اضرحة الموتى ليست عادة اسلامية خلافاً لما يعتقده البعض وهي ليست من التراث الاسلامي بشيئ، على العكس من ذلك هي عادة وثنية موروثة من زمن كان العرب فيه قبل الاسلام يتعبدون للاوثان ويشعلون البخور اكراماً لها ...
ما ينفع امواتنا عند زيارة اضرحتهم هو تلاوة الفاتحة او ما تيسر من القرآن الكريم، وكذلك الصدقة عن ارواحهم، فالصدقة بريد مستعجل منّا الى ارواح امواتنا في عالم البرزخ، وسواء قلبنا النعش بعد دفن ميت ام لم نفعل ذلك فلكل منا اجل لا نستقدم عنه ساعة ولا نستأخر ...

ـــــــــــ الحاج ابو مسلم الشعار ــــــــ

اما الحاج ابو مسلم الشعار المسؤول عن جبانة الخراب في صور فقال ان عادة قلب التابوت بعد دفن الميت لا اساس لها في الدين او الشرع ولكنها تحدث بشكل متواصل في صور بسبب ارتباطها بمعتقدات شعبية وخرافات واساطير تمتد الى ازمنة ماضية، ورغم ان معظم الناس يعرفون هذا الامر الا انهم لا يتوقفون عن القيام به على اثر كل جنازة.
وقال الحاج الشعار ان الناس قد تعودت على القيام بالكثير من الطقوس والعادات الملازمة للموت والتي لا ترتبط بدين او شرع مثل انزال نعش الميت الى الارض عدة مرات قبل الصلاة عليه، وهذا لا اساس له في الدين، ولكن المستحب دينياً هو انزال النعش مرة واحدة الى الارض بعد اتمام صلاة الجنازة لتهيئة الميت لاستقبال القبر، كما ان ما يتم وضعه على الضريح من سعف نخيل او من اشعال البخور كلها امور لم يذكرها الدين اطلاقاً لكن المستحب وضع ورقتي نخيل تحت ابطي المتوفي بعد تغسيله.

ـــــــــ السيد صلاح السمرا ـــــــــــ

اما السيد صلاح السمرا وهو الذي يتولى نعي المتوفين ويشارك في تغسيلهم ودفنهم فقال ان عادة قلب النعش بعد دفن الميت موجودة ونحن نضطر للقيام بها مراعاة لعدد كبير من المشيعين الذين يطالبوننا بذلك بإلحاح، ولكننا نعرف ان هذا الامر لا اساس له من الصحة ولا يقره الدين وهو مرتبط بالخرافة، فالاعمار بيد الله وحده.

ولكن السيد علي . ج ( 65 عاماً) يخالف الاراء اعلاه، ويتحدث بإصرار عن وجوب قلب النعش بعد دفن الميت لأن حمله فارغاً وفتحته بإتجاه الاعلى سيتسبب بـ " جر " عدد من جديد من الناس اليه، اي انه سيحدث حالات وفاة جديدة.

ويوافق السيد سليمان . ب ( 52 عاماً) على رأي علي ويضيف انه يذكر حالة حدثت في صور منذ حوالي 25 عاماً حين سحب النعش الفارغ بين المشيعين وفتحته بإتجاه الاعلى وقد حدثت على اثر ذلك اكثر من عشر حالات وفاة متتالية لاشخاص كان معظمهم بين المشيعين.