عاشوراء تونس..

ح الثورة التونسية عاشوراء تونس.. ويزيد مرة أخرى! ((شاب تونسي يحرق نفسه ويموت في المستشفى احتجاجا على سوء المعيشة))... هذا هو الخبر الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام دون أي اكتراث او تركيز او شرح لحيثياته. حتى يخيل للمتابع بأنه حدث انتحار عادي يشبه آلاف حوادث الانتحار الأخرى التي تتكاثر بشكل مخيف...ومر هذا الحدث مرور الكرام على الكثيرين ولكنه لم يكن كذلك على الشعب التونسي . فهذا الشاب واحد من أبنائهم ولم ينتقل لهم خبر انتحاره المأساوي عبر وسائل الفلترة الإعلامية السلطوية ، بل إنهم شاهدوه بأم أعينهم... (( تونس بلد صغير هادئ يقع على البحر المتوسط لديه منتخب كروي لا بأس به وصل إلى بطولة كأس العالم أكثر من مرة، و فيه جامعة الزيتونة الدينية التي تحدث عنها الشيخ محمد ألتيجاني التونسي صاحب كتاب ثم اهتديت الشهير،ومنه الشاعر أبو القاسم الشابي صاحب رائعة : ((إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر)). التي حفظّت لنا ونحن أطفال في الدراسة المتوسطة ( وحفظناها خوفا من المدرس وعصاه الغليظة وخوفا من الرسوب والالتحاق بجيش الذل الصدامي) ولم يبقى لها من اثر طيب في نفوسنا آنذاك.. وهو نفس البلد الذي خرجت منه المغنية لطيفة التونسية التي تغني بعيدا عن لهجتها التي لا نفهم منها شيء!!!و من هذا البلد أيضا المغني لطفي بوشناق!! الذي عرفناه لتملقه العجيب وزياراته المتكررة للعراق أيام (ملعون الوالدين) اخو هدلة((اسكنه الله فسيح جهنمه)). وبين الحين والآخر يأتينا احد التوانسة (على حد تعبير الأخوة في الشام) ليتغدى أو يتعشى مع الرسول وفي طريقه لغدائه الدسم يفجر ما شاء له من السيارات المفخخة ليحصد أرواح أطفالنا الذي يبيت معظمهم دون غداء أو عشاء!! وأكثر من نعرف عن تونس هو رئيسها الأنيق اسود الرأس أبدا ،، الذي يشبه إلى درجة كبيرة الأخ (جورج قرد احي مقدم برنامج من سيربح المليون) وأكثر ما يشد انتباهنا لرئيس ذلك البلد هو وقع اسمه المميز الذي يذكرنا بأسم احد الأئمة والأولياء(عليهم السلام)، فالرجل اسمه زين العابدين بن علي!!)).. هذا هو مجمل مايعرفه عامة الشعب العراقي عن الشقيقة تونس ، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي احرق ذلك الشاب المسكين جسده، ليعطي لشعبه والشعوب العربية الأخرى الجائعة المظلومة الضوء الأخضر للنهوض وعدم السكوت،شاب محبط يائس جائع محطم الطموح رفض ان يرتدي الحزام الناسف ليقطع أشلاء أخوته،،ورفض ان يتلقى الصفعة على خده الذي مل الصفعات، شاب جامعي ليس لديه واسطة في احد الأحزاب التي تقاسمت الوزارات!! وليس لديه عشرين ورقة ليقدمها لأحد السماسرة كي يحصل على التعيين!! يمتلك عربة دفع يدوية(جنبر متنقل) في شورجة تونس!! يتقدم منه احد جلاوزة بن علي اوحسني مبارك او عبد الله صالح أو القذافي (لا فرق بينهم) ليصادر عربته ومصدر رزقه ويصفعه على خده ويهين كرامته التي لا يمتلك غيرها،، ليرجع لعياله وأطفاله هذه المرة دون خبز او كرامة!! وما اشد ذلك وأصعبه على الأحرار،، فحين يبيت البطن خاويا يمكن للنفس ان تمني الإنسان برزق الغد لتعويض ذلك. لكن حين يوصد الأوغاد باب كل شيء عند ذلك لن تكون الحياة(( مع الظالمين إلا برما)) كما عبر ابو الأحرار (عليه السلام)..والبرم سادتي الكرام : هو حالنا اليوم في كل البلدان العربية المسحوقة تحت جور حكامها القرود ورثة الطاغية يزيد(لعنه الله واخزاه).. تلك الشعوب التي تبيت جائعة مهمشة مسلوبة الحق و الكرامة ولاترى من حكامها السراق الذين يعوون عواء الضباع المستنفرة للافتراس بأي لحظة غير الظلم والفساد،، ولكنها رغم ذلك تسكت عنهم ولا تحاسبهم وتبين لهم حجومهم القزمية الطبيعية. فيزيد مهما تعملق او تضخم بفعل مكانته الإعلامية يبقى هو هو ذلك القزم الذي اخرج من حفرة الجرذان المعروفة!! وهو هو من يحزم أمتعته وحقائبه المحملة بالسرقات ليركب طائرته الرئاسية هاربا الى احد أشقائه من بني أمية!! بشرط ان يتصدى له حسين ما .... وبما ان يزيد محاطا بجلاوزته وأبنائه من بني أمية وبني معيط وأقارب زوجته المتخمين على حساب جوعنا، إذن فالحسين بحاجة لجيش من الجياع أمثال صاحبنا التونسي مستعدين للاحتراق بأية لحظة لينيروا الدرب خلفهم لطالبي الخبز والكرامة.. ولكن بشر ط آخر هو أن لا يخدعنا يزيد بإقالة وزير داخلتيه عمر بن سعد او إقالة وزير كهربائه شمر بن ذي الجوشن (الذي صرف على زواج ابنه مبلغ 50 مليون دولار في فنادق لاس فيغاس الأمريكية والحدث مصور وموجود بالصوت والصورة توثق ذلك)، او نصدق وعوده بتخفيض الأسعار و إصلاح منظومة الكهرباء اومشروع عشرة في عشرة أو اجتثاث شبث بن ربعي وإعادته !! أو تخفيض ميزانية الرئاسات الثلاث او الأربع او الخميس!! وان لا ننشغل بكأس أسيا الذي يشرب به يزيد وحاشيته نخبهم ضاحكين على الذقون!!! وان لا تسكرنا لطيفة بغنجها الفرنسي الذي يذهب العقول،، مرددين معها أغنيتها الشهيرة(( أنشا الله أنشا الله ترجع ليّة ) مالذي سيرجع إلينا بعد ان افرغ جيوبنا يزيد ولحست عقولنا محضياته ؟؟ لا تصدقوا يزيد وحاشيته وشركائه في العملية السياسية في كل ما يدّعي. فهو يسرق وينهب باسم القانون ويشرعن لسرقاته تحت قبة البرلمان بأسرع من لمح البصر، وتكاد تكون خفة يده في النشل تتجاوز مهارة نشّالي سوق مريدي وعصابات الباب الشرقي!! ولكن حين يصل الأمر إلى قانون او تشريع يخص رواتب الطلبة او تعديل رواتب الموظفين والمتقاعدين والعسكريين وإصلاح قطاعات الزراعة و الصناعة والإسكان وإيجاد حل للبطالة المتفاقمة عند ذاك فأن العداد السلحفاتي هو سيد الموقف!!! قالها جد الحسين (صلوات الله عليه واله وسلم) منذ زمن بعيد ( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر وإلا سلط عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم))... واصدق مصاديق ذلك الحديث النبوي الشريف مطالبة الشعوب بحقها وحقوقها الطبيعية والإنسانية التي كفلها لهم الله( تبارك وتعالى ) في العيش الكريم وقول لا وألف لا،، بالقلب واللسان واليد،، بالتظاهر السلمي والاحتجاج،، بالتثقيف وتوضيح الحقائق والنقد،، بتحسس الألم والرغبة بشفائه وبالوعي واليقظة واستلهام الدروس ،وفعل كل ما يمكن فعله لتضييق الخناق على يزيد وزبانيته، واذا لم تنفع كل تلك الوسائل فلا ضير على المظلوم في اللجوء الى الخطة (باء) متمثلة بالحل الحسيني والدماء الحمراء في حسم الموقف.. وهذا ما اضطر له الشعب التونسي البطل ممهدا بذلك الدرب لمثيلاته من الشعوب المقهورة.وليس من الغريب ان تتزامن تلك الهزات العنيفة(ثورات الخبز) في تونس والجزائر والأردن ومصر وليبيا واليمن مع ذكرى الحسين (ع) وثورته الخالدة،، فالحسين قلق وصداع مزمن لكل الطغاة وفي كل مكان وزمان ،، وهو نبراس ومثال ومنارة عالية وشمس واضحة وان حاول البعض حجبها وتغييبها ..الحسين الدليل الحاضر وان ذبح وقطعت أوصاله الطاهرة وديس صدره و هو صدر محمد الذي حوا القرآن...القرآن الذي وعد تونس وجياعها والعراق وأيتامه وكل الشعوب المستضعفة..بأن الأرض سيرثها المستضعفون ... وهاهو عبق راية الوارث الموعود (عجل الله فرجه) قد قرب وستمتلئ به صدور عشاق الحرية ..