عن عمرو بن عبدالله الثقفي قال أخرج هشام بن عبدالملك أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام من المدينة إلى الشام ، وكان ينزله معه ، فكان يقعد مع الناس في مجالسهم ، فبينا هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك فقال : ما لهؤلاء القوم ؟ ألهم عيداليوم ؟ قالوا لا يا ابن رسول الله ، ولكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ويسألونه عما يريدون وعما يكون في عامهم ، قال أبوجعفر : وله علم ؟ فقالوا : من أعلم الناس ، قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى عليه السلام ، قال : فهلم أن نذهب إليه ، فقالوا : ذلك إليك يا ابن رسول الله ، قال فقنع أبوجعفر رأسه بثوبه ومضى هو وأصحابه فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل ، قال : فقعد أبوجعفر وسط النصارى هو وأصحابه ، فأخرج النصارى بساطا ثم وضعوا الوسائد ، ثم دخلوا فأخرجوا ثم ربطوا عينيه فقلب عينيه كأنهما عينا أفعي ، ثم قصد نحو أبي جعفر عليه السلام فقال له أسنا أنت أو من الامة المرحومة ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : من الامة المرحومة ، قال : أفمن علمائهم أنت أو من جهالهم ؟ قال : لست من جهالهم ، قال النصراني أسألك أو تسألني ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : سلني فقال : يا معشر النصارى رجل من امة محمد يقول : سلني ! إن هذا لعالم بالمسائل .
ثم قال : يا عبدالله أخبرني عن ساعة ماهي من الليل ولا هي من النهار أي ساعة هي ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، قال النصراني : فإذا لم يكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : من ساعات الجنة وفيها تفيق مرضانا ، فقال النصراني : أصبت ، فأسألك أو تسألني ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : سلني ، قال : يا معاشر النصارى إن هذا لملي بالمسائل أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون أعطني مثله في الدنيا ، فقال أبوجعفر عليه السلام : هو هذا الجنين في بطن امه يأكل مما تأكل امه ولا يتغوط ، قال النصراني : أصبت ، ألم تقل : ما أنا من علمائهم ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : إنما قلت لك : ما أنا من جهالهم ، قال النصراني : فأسألك أو تسألني ؟ قال : يا معشر النصارى والله لاسألنه يرتطم فيها كمايرتطم الحمار في الوحل ، فقال : اسأل ، قال : أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا ، حملتمها في ساعة واحدة وما تا في ساعة واحدة ، ودفنا في ساعة واحدة في قبر واحد ، فعاش أحدهما خمسين ومائة سنة ، وعاش الآخر خمسين سنة ، من هما ؟ قال أبوجعفر عليه السلام .
هما عزير وعزره ، كان حمل امهما ما وصفت ،ووضعتهما على ما وصفت ، وعاش عزره وعزير ، فعاش عزره وعزير ثلاثين سنة ،ثم أمات الله عزيرا مائة سنة و بقي عزره يحيا ، ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزره عشرين سنة .
قال النصراني يا معشر النصارى ما رأيت أحدا قط أعلم من هذا الرجل ، لا تسألوني عن حرف و هذا بالشام ، ردوني ، فردوه إلى كهفه ورجع النصارى مع أبي جعفر عليه السلام . (1)