الإمام الصدر وأطروحات اليمين واليسار !

مقتبس من كتاب حركة امل - السّيرة و المسيرة

عرفت الحرب اللبنانيّة ظهور الجبهات السياسيّة، التي كانت تمثّل الفئات المتقاتلة، أو تلك التي كانت تسعى نحو تعزيز السلم الداخلي وإزالة فتيل التفجير. وقد صُنّفت تلك الجبهات إلى فئتين: فئة اليمين المتمثّل بالجبهة اللبنانيّة والتي جمعت حزب الكتائب والأحرار في قيادة سياسيّة موحّدة استطاعت أن تنسّق النشاط العسكري وتوحّد الإعلام بينها، واعتُبر خطابها السياسي هو الخطاب المسيحي الوحيد في البلاد.أمّا الفئة الثانية، فكانت الصفّ الوطنيّ الذي تألّف من: قمّة عرمون، وتجمّع الأحزاب المسمّى بالحركة الوطنيّة والتقدّميّة، وجبهة الأحزاب القوميّة الوطنيّة.

لقد كان أطراف الصفّ في صراع دائم، حتّى أنّه وصل إلى حدّ الصدام الدامي والتصفية الجسديّة داخل الجبهة الواحدة وبين رفاق السلاح الواحد. كما كان للتصدّع في العلاقة بين القيادة الفلسطينيّة والأحزاب الحليفة لها، وبين سوريّا دوره في زعزعة هذا الصفّ وإضعافه.

أمّا اليمين المسيحي، فقد كان من دعاة العلمنة والتقسيم، ورفض إلغاء الطائفيّة السياسيّة، بل لقد ذهب أقطاب الجبهة اللبنانيّة وعلى رأسهم الرئيس كميل شمعون وبيار الجميّل، للدعوة إلى العلمنة الشاملة، وهو ما رفضه الإمام الصدر وواجهه بقوّة.

أمّا موقف حركة المحرومين التي كانت متمثّلة وبقوّة في قمّة عرمون، عبر شخص الإمام السيّد موسى الصدر، فكان له المواقف التالية تجاه ما رفعته الفئتان من شعارات:

1- رفض شعـار العـلمنة الذي رفعه الطرفان.

2- رفض الإدارات المحلّيّة والتي ستشكّل حكومة ظلّ تحلّ مكان السلطة الشرعيّة، وتساهم في تقسيم لبنان.

3- رفض حرب الجبل، وإراقة دماء الأبرياء، والتصعيد الإعلامي المعتمد على المعلومات المضخّمة والشائعات والمبالغات، والانتقام والثأر من الأبرياء والتهجير الانتقامي والسرقة الانتقاميّة.

4- الدعوة إلى إحياء الإدارات الرسميّة.

5- منع الاصطدام بين القيادة الفلسطينيّة وسوريّا، وإجراء الاتّصالات المكثّفة، حيث بلغ عدد رحلات الإمام الصدر بين صبرا ودمشق أكثر من خمس رحلات.

6- تجنّبت حركة الحرومين احتكار شعار الوطنيّة، وحاربت كلّ احتكار لهذا الشعار من مختلف الأطراف المتنازعة.

7- تأكيد الإمام الصدر الالتزام مع المقاومة عندما تكون مقاومة لتحرير فلسطين، لا مقاومة ثوريّة داخل العالم العربي لقلب الأنظمة، لأنّها تكون بعيدة عن فلسطين

لقد كان للإمام الصدر موقفٌ واضحٌ تجاه الفئتين، وذلك حيث يقول:« إنّني ضدّ الملحدين، وضدّ الذين تنكّروا لله، وفي نفس الوقت إنّني أحارب الذين يعبدون أنفسهم من دون الله – تجّار السياسة حماة مصالحهم الخاصّة – إنّني أحارب هؤلاء جميعاً، حتى ولو تقنّعوا بشعارات التقدّميّة وحماية المسلمين والمصالح القوميّة»

أمّا ردّة الفعل تجاه مواقف الإمام الصدر، فقد كانت سلبيّة من كلٍّ من الفئتين حيث رفعت الشعارات الرافضة لخطاب الإمام، وأبرز هذه المواقف:

1- بثّ الإشاعات والتهجّم على الإمام الصدر عبر صحف الطرفين، كالعمل الكتائبيّة، والنداء اليساريّة

2- ملاحقة شباب أمل في الجنوب، وتمزيق صور شهدائها، في الوقت الذي كانوا يواجهون فيه إسرائيل وحلفاءَها، مع مداهمة منازل المقاومين من أمل، وقطع السبل أمامهم وهم في طريقهم إلى ساحات المواجهة في الطيّبة وبنت جبيل

هكذا أصبحت الحرب تنعكس أيضاً على مستوى القوى السياسيّة، ونتج عن ذلك مواقف متباينة بين حركة المحرومين وباقي التشكيلات والأحزاب السياسيّة اللبنانيّة، كما نتج عنه ملاحقات ومضايقات لبعض الكوادر الحركيّين من قبل بعض الأحزاب العقائديّة اليساريّة التي استقوت بالتحالف مع بعض الفصائل والتنظيمات في المقاومة الفلسطينيّة.

وفي مقابلة مع مجلّة الصيّاد، أوضح الإمام الصدر أسباب التهجّم الشرس عليه وذلك بقوله:« لقد كان التجاذب على قدم المساواة منذ بداية الأزمة، وانفجر هذا التفاوت في الموقف في مهرجان الأونيسكو تكريماً لشهيد أمل، حيث صارحت في هذا المهرجان بأنّ قمّة عرمون ترفض حرب الجبل، وترفض العلمنة، وترفض الإدارة المحلّيّة.. وحكومة الظلّ، والاعتداءات التي بدأت في بداية الأزمة من قبَل اليمين.. وقلنا إنّ سوريّا هي البعد الاستراتيجي للمقاومة وشريكتها في عمليّة التحرير، وإنّها امتدادٌ قويٌّ للإرادة الوطنيّة اللبنانيّة، وإنّ الخلاف بينهما.. حلقةٌ من المؤامرة. وقلنا إنّنا نرفض أيضاً الممارسات الشاذّة والطائفيّة ضدّ الأبرياء..»

« وقلتُ في نهاية الحديث: يا أبا عمار.. عندما يتآمر عليك الشرق والغرب، أي اليمين واليسار ستجدنا إلى جانبك.. وأضفتُ قائلاً: يا أبا عمار إنّ شرف القدس يأبى أن يتحرّر إلاّ على يد المؤمنين.

وانتهى المهرجان وبدأت الحملات الإعلاميّة من قبَل الأحزاب، وكانت تحاول من خلال بعض العناصر العقائديّة ضمن المقاومة، والمسيطرة على بعض أجهزة الإعلام الفلسطينيّة وبعض قطاعاتها الأخرى أن توجّه المقاومة ضدّ قمّة عرمون بشكل عامّ، وضدّي بشكل خاصّ..» .

وعند سؤال الإمام الصدر عن موقفه من الحركة الوطنيّة، قال:« أعتبرُ نفسي ورفاقي في حركة المحرومين، وكذلك إخواني في قمّة عرمون من صميم الحركة الوطنيّة»، وأمّا عن التنظيمات التي تشكّل المجلس السياسي، قال:« إنّني بالفعل ملتقٍ مع أكثر من تنظيم »

تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لرؤية الصورة كاملة. الحجم الأصلي للصورة هو 984 * 1420.

الإمام الصدر وأطروحات اليمين واليسار ! 23r7abm

» الإمام القائد السيد موسى الصدر الإمام الصّدر : خلفيّته , سيرته و إنجازاته , قضيّة إخفائه
» عودة الإمام الصدر الى إيران
» رسالة الإمام الصدر الى المهاجر
» مقدمة الإمام الصدر الكشفية
» في رحاب الإمام موسى الصدر