نهاية درامية للـ "مطلوب رقم واحد" في العالم، والمشهد الأخير للفيلم الأميركي الطويل الذي بدأ منذ أحداث الحادي عشر من أيلول كان متوقعاً.
فـ"هوليود" لطالما ختمت أفلامها بإنتصار خيالي للـ"خير" الأميركي على "الشر" الذي يتربص به. وبسحر ساحر أنهت الولايات المتحدة مطاردة استمرت عشرين عام في دراما مختصرة لم تدم أكثر من ساعة، وبأمر من باراك أوباما أسقط الرأس ولم تسقط القاعدة ، ودفن مع أسامة بن لادن أسرار الدعم الأميركي المطلق له لا بل وقوفها وراء إنشاء تنظيمه بهدف ضرب السوفيات في يوم من الأيام.
جرت تصفية الهدف ولف الجثمان "على الطريقة الإسلامية"، أقام عليه الأميركيون صلاة الميت، ورمي في البحر على عجل وفي جنح الظلام. بعدها خرج أوباما منتشياً بنصره السياسي ليعلن نبأ تفوقه على أسلافه كلينتون وبوش بقبضه على روح الإرهاب العالمي. ولكن الرئيس الأميركي نسي أو تناسى إعلامنا عن الأسباب التي دفعته لقتل بن لادن في حين أنّ القوات الخاصة الأميركية كان بمقدورها الإمساك به حياً طالما أنها وجدت وقتاً للتصويب على رأسه، ولكانت استفادت من المعلومات المخبأة في جعبته للقضاء على قاعدته. والمثير للدهشة هو أن القوات الأميركية الجبارة كان لديها المتسع من الوقت لتنفيذ عملية كاملة، إلا أن هذا الوقت لم يتسع لتصوير العملية فرمت على شاشات التلفزة الباكستانية صورة مفبركة لجثمان بن لادن، سرعان ما اتضح زيفها فهرولت مسرعة لسحبها.
مشهد اغتيال بن لادن أطاح إعلامياً بالأحداث الجارية في العالم العربي، على الرغم من تكامله معها، فالحدث الذي رفع أسهم أوباما بالفوز بولاية رئاسية ثانية، يرسم في الوقت نفسه خطاً من خطوط الخارطة الجديدة للمنطقة، خارطة الشرق الأوسط الجديد القائم على القضاء على "الإرهاب" من جهة، وتقسيم المنطقة العربية والإسلامية إلى كانتونات "ديموقراطية" متصالحة مع العدو الإسرائيلي من جهة أخرى.