لماذا جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل ؟
أن الإسلام يعارض الطلاق ويعتبره أبغض حلال الله , كما جاء في الأحاديث ( راجع الوسائل 265:15 و أصول الكافي:.)ويعمل الإسلام على أن لا يقع الطلاق قدر الإمكان ولكنه أجازه كحلّ اضطراري عندما ينحصر الحل بذلك.
و للسائل ان يسأل لماذا لم يحرم الإسلام الطلاق مع ما فيه من البغوضية الشديدة ؟
فالجواب : ان الزواج و الطلاق تابعان لحاجات طبيعية خاصة فإذا خمدت شعلة الحبّ بين الزوجين يكون قد مات الزواج طبيعياً فاستمرار الحياة الزوجية متعلّق بالحبّ المتبادل و إذا مات هذا الحبّ من الطرفين أو من طرف واحد فعندها قد حان وقت الطلاق فلا ينفع تريمه بل يضر باستمرار الحياة الزوجية ، و مع هذا كلّه فالإسلام يرحّب بكل ما يصرف الرجل عن الطلاق الغادر ، فجعل عوائق و موانع أمام الطلاق آملاً بأن تزول المشاكل الزوجية التي أدّت الى الطلاق من تلك الموانع : إن الاسلام جعل صحّة الطلاق متوقّفة على ضور شاهدين عادلين ، و أوصى مجري صيغة الطلاق و الشهود و غيرهم بأن يبذلوا مساعيهم لصرف الرجل عن فكرة الطلاق .
و منها : أن الاسلام اعتبر العادة الشهرية مانعاً من إيقاع الطلاق و لم يعتبرها مانعاً من إجراء العقد مع العلم أن العادة الشهرية متعلّقة بالزواج لأنها تمنع من إجراء العقد مع العلم ان العادة الشهرية متعلّقة بالزواج لأنها تمنع من الاتصال ، و ليست متعلّقة بالطلاق الذي هو الانفصال .
و منها : ان الاسلام جعل الطلاق الرجعي ليعطي فرصة للرجل يفكّر خلالها فيرجع الى زوجته .
و منها : أن الاسلام يفرض على الرجل الذي يريد الطلاق أن يؤدّي مهر المرأة و حقوقها و خدماتها السابقة التي أدّتها للاسرة و يفرض عليه ايضا حفظ الأطفال و رعايتهم . هذا كلّه ليكون مانعاً من الطلاق .
و أما لماذا اعطى الإسلام حق الطلاق الى الرجل ؟
فالإجابة على ذلك : أن حق الطلاق للرجل ناشئ من دور الخاص في مسألة الحب للمرأة لا من ملكيته لها ، كما يدّعيه المغرضون ، و قد ذكرنا ، ان هذا الحب ، إذا مات من الطرفين او من طرف واحد ، فعندها قدحان وقت الطلاق ، لأنه من المعلوم أن العلاقة الزوجية على اساس العُلقة الطبيعية بين الطرفين ، و الطبيعة أعطت مفتاح حب الطرفين بيد الرجل ، بمعنى : أن حبّ المرأة للرجل معلول لحبّ الرجل لها ، فإذا أحبّها أحبتّه و إذا ابغضها ابغضته ، و بهذا يصبح الطلاق طبيعياً بيد الرجل ، و الشريعة اقرّت ذلك و اعطت له هذا الحق و لكن جعلت امامه موانع لكي لا يمكنه الطلاق متى شاء ، و قد ذكرنا بعض تلك الموانع .
و نفهم من آية 231 من سورة البقرة ان الرجل لا بدّ ان يختار أحد طريقين : (( إمساك بمعروفٍ )) أو (( تسريح بإحسان )) قال تعالى : (( و إذا طلّقتمُ النساءَ فبلَغنَّ أجلَهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهًنّ بمعروفٍ و لا تمسكُوهنّ ضراراً لتعتدوا و من يفعل ذلك فقد ظلَم نفسه ... ))(البقرة : 231 ) . فلا يمكنه الخيار الثالث وهو أن لا يطلقها و لا يتصرف معها بإحسان و جملة (( و لا تمسكوهنّ ضراراً لتعتدوا)) إنّما تنفي الخيار الثالث فإذا لم يطلّق فعلى الحاكم ان يطلقها ، و هذا النوع من الطلاق يسمّى الطلاق القضائي . هذا و قد نصّت الروايات و الأحاديث على أن الطلاق حق طبيعي خاص بالرجل ، و أما جواز إعطاء الرجل للمرأة حق الطلاق و كالة عنه مطلقاً او في حالات معيّنة فهذه مسألة أخرى ، يجوّزها الفقه الإسلامي . و بهذا يمكن للمرأة أن تطلّق نفسها مطلقاً أو في حالات خاصة تتعين منذ البداية ، فمثلاً لو تزوّج الزوج من امرأة ثانية أو صار الزوج مدمناً بالمواد المخدرة يحق للمرأة ان تطلق نفسها ، و عليه فحقّ الطلاق يمكن ان يوجد للمرأة بشكل وضعي .