الدلائل الجلية في العصمة لدى الامامية

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد



ان السائل حول عصمة اهل البيت قبل ان يخوض في هذا البحث يتوجب عليه التسليم بنقطتين اساسيتين :


اولا : بعصمة النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم وانه لا ينطق عن الهوى وكل ما ينزل عليه هو وحي من ربه يوحى اليه .


ثانيا : ان لا يتعصب ويفتح ذهنه للحق وان يسال الله ان يهديه ويهدينا معه الى الطريق الصحيح .


الادلة على عصمة الائمة النصوص الواردة عن النبي الاعظم بذلك وان لم ترد بالاسماء في متون الحديث لاهل السنة ولكن السيرة التاريخة تثبت لهم ذلك .


معنى العصمة : ما معنى قول ان فلان معصوم من الله تعالى ؟


اي ان الله تعالى ينزهه من الرجس وسائر الذنوب والخطايا .


" ( عصم ) العِصْمة في كلام العرب المَنْعُ وعِصْمةُ الله عَبْدَه أن يَعْصِمَه مما يُوبِقُه "


/ لسان العرب .


بما اننا الان ادركنا وفهمنا معنى العصمة ننتقل الى اثبات العصمة ولزومها للمرسل من الله تعالى و للاوصياء على الخلق من بعدهم والذين نصّبوا من الله تعالى كذلك على لسان رسوله الخاتم صلى الله عليه واله .


وبما ان مجموع الفرق الاسلامية مجتمعة على عصمة الانبياء والمرسلين


نحاول - ان وفقنا الله - ان نثبت عصمة الائمة عليهم السلام


الدليل من القران الكريم :


الاية الاولى :


(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) / الاحزاب / اية 33


وقد اكدت الروايات الصحيحة في الكتب الصحيحة على ان الاية نزلت في الامام علي عليه السلام ، وبضعة النبي الاكرم فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وفي ريحانتا الرسول الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام



1- " عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ

تَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَيْتِهَا فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ بِبُرْمَةٍ فِيهَا خَزِيرَةٌ فَدَخَلَتْ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا ادْعِي زَوْجَكِ وَابْنَيْكِ قَالَتْ فَجَاءَ عَلِيٌّ وَالْحُسَيْنُ وَالْحَسَنُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَجَلَسُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تِلْكَ الْخَزِيرَةِ وَهُوَ عَلَى مَنَامَةٍ لَهُ عَلَى دُكَّانٍ تَحْتَهُ كِسَاءٌ لَهُ خَيْبَرِيٌّ قَالَتْ وَأَنَا أُصَلِّي فِي الْحُجْرَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ

{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }

قَالَتْ فَأَخَذَ فَضْلَ الْكِسَاءِ فَغَشَّاهُمْ بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ فَأَلْوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي الْبَيْتَ فَقُلْتُ وَأَنَا مَعَكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ " / مسند احمد

2- " عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَذَكَرُوا عَلِيًّا فَلَمَّا قَامُوا قَالَ لِي أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ بَلَى قَالَ أَتَيْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَسْأَلُهَا عَنْ عَلِيٍّ قَالَتْ تَوَجَّهَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ آخِذٌ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِهِ حَتَّى دَخَلَ فَأَدْنَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ فَأَجْلَسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ أَوْ قَالَ كِسَاءً ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ

{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }

وَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ / مسند احمد





3- " قالت عائشة : خرج النبي صلى الله عليه و سلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " صحيح مسلم



4- " أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: أخبرنا أحمد بن عمرو ابن أبي عاصم قال: أخبرنا أبو الربيع الزهراني قال: أخبرنا عمار بن محمد الثوري قال: أخبرنا سفيان عن أبي الحجاف، عن عطية، عن أبي سعيد - إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا - قال: نزلت في خمسة، في النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. / اسباب النزول



مما يتبين من النصوص الجلية وما عرضناه لكم ان الاية نزلت في هؤلاء الخمسة المطهرين من كل رجس ودنس مما يدل على عصمتهم عليهم السلام .

الاية الثانية :


قال الله تعالى في سورة البقرة : الآية / 124 لنبيه إبراهيم : * ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) * دلت هذه الآية على العصمة لأن المذنب ظالم ولم لنفسه لقوله تعالى : * ( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ) * 32 / فاطر .


الاية الثالثة :


( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )/ النساء / 59


الاية الكريمة تقرن طاعة الله بطاعة الرسول وتقرن طاعة اولي الامر بطاعة الله والرسول


فذلك يدل على ان طاعة اولي الامر هي عين طاعة الله ورسوله وللاية الكريمة دلالات نوردها بنقاط


دلالات الاية الكريمة:


1- أن أولي الأمر الواجب طاعتهم يجب أن تكون أوامرهم موافقة لأحكام الله تعالى لتجب لهم هذه الطاعة ولا يتسنى هذا إلا بعصمتهم إذ لو وقع الخطأ منهم لوجب الإنكار عليهم وذلك ينافي أمر الله بالطاعة لهم .

2- ان كان أولي الامر غير معصومين – الحكام - اي تصدر منهم الاخطاء والذنوب لما امرنا الله تعالى بطاعتهم وبما ان طاعة الله مقرونة بطاعتهم ومما لا شك فيه ان الله لا يأمر عباده بالفحشاء حيث ان لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق اذن بطل هذا الادعاء .




سنبين معنى اولي الامر عن طريق ايات القران الكريم :


(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون)َ/ المائدة / 55


هذه الاية كالاية السابقة تدل على ان الولاية والطاعة لله وللرسول ولاولي الامر


فخصصت ولاية الامر بقوله " الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون "




فمن هو الذي تصدق واتى الزكاة في صلاته ؟



الجواب :

1- " أخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال : « تصدَّق علي بخاتمه وهو راكع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للسائل » من أعطاك هذا الخاتم؟

قال : ذاك الراكع ، فأنزل الله { إنما وليكم الله ورسوله }". / الدر المنثور .

2- " أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { إنما وليكم الله ورسوله . . . } الآية . قال : نزلت في علي بن أبي طالب ." / المصدر نفسه



3- " أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمار بن ياسر قال « وقف بعلي سائل وهو راكع في صلاة تطوّع ، فنزع خاتمه فأعطاه السائل ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلمه ذلك ، فنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون } فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ، ثم قال : من كنت مولاه فعلي

مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » . / المصدر نفسه



و يظهر لنا من الاحاديث السابقة ثبوت التصدق ونزول هذه الاية في الامام علي عليه السلام واما الخبر (3) يدل على ما قلنا بان ولاية الامر التي نصت الطاعة لها تكون لله ولرسوله وللامام علي-المعصوم- كما ورد في القران الكريم والدلائل على ذلك كثيرة في السنة سنذكرها ان شاء الله .

كما ورد عن النبي في هذا الحديث " من أطاعني فقد أطاع الله عز و جل ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع عليا فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني " كنز العمال



الادلة على ان الولاية للامام علي عليه السلام من بعد النبي :



1- " قَالَ -الرسول- لِبَنِي عَمِّهِ أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ وَعَلِيٌّ مَعَهُ جَالِسٌ فَأَبَوْا فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ فَتَرَكَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَأَبَوْا قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَالَ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . " / مسند احمد



والادلة على الولاية للامام علي كثير مستفيضة ونحن ذكرنا ذلك على سبيل الاثبات لا الاستيعاب .

وكما عرضنا سابقا ان الولاية والطاعة المطلقة لا تكون الا لمعصوم فامرنا الله بطاعته فاطعناه تعالى وامرنا بطاعة نبيه فلم يطيعوا نبيه حيث قال َ "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ " فلما طلب الرسول دواة وكتف ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده قال عمر خائفا من ان يثبتها -الخلافة- لعلي " حسبنا كتاب الله " ولم يطع الرسول واحدث النزاع بين المسلمين والجدال والشقاق ولكن

" ما على الرسول الا البلاغ المبين"

فقال تعالى ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) / المائدة / 92

بذلك اثبتنا العصمة للامام علي وفاطمة والحسن والحسين