بسم الله الرحمن الرحيم
يوم وقفت الشمس في كبد السماء , و يوم انعطفت السحب عند ممرات الزمن . فتلبد الزمان سحابة سوداء كادت تحجب نور الشمس , فانفرد وحده ريح الياس يسامر اسى الايام المريرة , فالتفت عقارب الساعة لتسير عكس سريان التاريخ ترتجي دقاتها من نبض الارض المغتصبة
فكان وحده القلب الذي نبض في الزمن دقاته , و كان دفق نسيم الامل يداعب خدود الارض الحرة , و كان الفرج الذي صب غمام الظلم الاسود باسا حسينيا في فضاء المحتل . فسارت الشمس تحرس بعينها مسير المقاومين و ترسل خيطها الذهبي مدادا لزاد المقاتلين . فاضح العصر عصر المقاومة و النبض نبض الثورة و النسيم الرائع همس القائد محمد سعد .
يومها اشتعلت الارض براكين غاضبة في وجه المحتل الغاصب, فاغرقته في حممها يحترق . فغدى يرتجي طائر الاساطير لينتشله من باس رجال افواج المقاومة اللبنانية امل , فلقنوهم اي درس للتاريخ حتى الاساطير لم تعرفه فكان البطل بعزمهم الشهيد محمد سعد يصبح اكثر فاكثر الشبح الثائر الذي يخطف ارواح اليهود في وضح النهار تحرسه عين الله و تخفيهي عباءة الامام القائد السيد موسى الصدر
فكان القرار باطفاء الشعلة و ذبح النور في اوردته , فكان الخيال لاسرائيل يحدث جنرالاتها انه باغتيالك تنطفىء الشعلة و يردى النور قتيلا بسيف الظلم فيسدل الليل ظلامه على قرى الثورة الرافضة للاحتلال . فكان التنفيذ يوم 4 اذار 1985 بتفجير حسينية معركة ليستشهد نصف الجنوب الشهيد القائد محمد سعد و خليل جرادي و ثلة من المجاهدين الابرار. فظن الجميع ان البركان سيخمد و ان الاسد الثائر سيركن في زوايا العرين , و يخلد الضمير الصارخ بصوت الامام الصدر مجددا الى النوم
و لكن بحمد الله ثار الدم على الجلاد لينتثر في كبد السماء , فامتدت به الشعلة لتنير كل بقعة من بقاع الارض تحوي مظلوم و ظالم , فخرج لهم من كل عرين جنوبي الف مجاهد بعزم علي الاكبر من كربلاء يمضي ليذودوا عن شرف امتهم
يومها لم تمت ايها القائد , لم تنالك يد الغدر ابدا بل شمخت في عليائك للسماء ,تصرخ بصوت الامام القائد اننا شباب امل فدائيو حدود هذه الارض المقدسة , فلا ياتيك الا صدى المقومين يهز الدنا اننا شباب امل شموع تذوب لتنير درب الامة
سافرت الى جوار ربك ايها القائد , فخلد بجنتك مطمئن البال فان للارض حماتها و للقضية رجالها و ان للمهدي (عج) رجال ينتظروه , ونعاهدك يا ابا المقاومة للتاريخ ان يولد في كل لحظة شبل من روحك ايها القائد ليكبر شهيدا عند حدود ارض الجنوب الصامد .
و اليكم نبذة عن حياة القائد البطل محمد سعد
الطفولة:
كذلك كانت طفولة محمد سعد نمت وترعرعت بين أطفال الحي بل اطفال القرية,وكان في عينه مظاهر الطبيعة,فأنست بمناظر ربيعها, وشمت ورودها وازاهير ها ولاحقت عصافيرها وفراشاتها,وتسلقت جبالها,وشاهدت فلاحيها,وزارعي تبغها,وفي نفس اللحظة كانت تسمع اناشيد المأذنة المغروسة وسط قريتها.
دخلت الطفولة مدرستها الرطبة العتيقة الجدران,لا ماء فيها ةلا حمام,يخترقها ضجيج السيارات واصوات المارة,خالية من كل وسائل التعليم والالعاب, حالها اصعب من طلاب "تحت السنديان".
ولد الشهيد محمد سعد مع ومجيء الامام الصدر الى لبنان وكلما توسعت نشاطاته كان الشهيد يكبر ويرى او يسمع بهذه الشخصية المباركة,الى ان التحق في مؤسسة جبل عامل ولاحظ معظم نشاطاته الاجتماعية والفكرية والسياسية وتنقلاته في جميع المناطق اللبنانية مصلحا ومربيا ومحاورا من خلال محاضراته وخطبه التي ادت الى اقامة علاقا اخوية مع كثير من الناس وهو ما اشار اليه.
نشأته:هو من بلدة معركة قضاء صور بقي فيها حتى انتقاله الى المؤسسة وظل يتردد اليها طيلة حياته حتى استشهاده.نشأ في بيت متواضع جدا لم يتسع لعائلة كبيرة وكلهم صغار وقريب من المسجد كان كثيرا ما يتردد اليه مع صبية الحي للصلاة. والده يبظم الشعر الزجلي والخليلي
خرج الشهيد من مدرسة بلدته كمعظم الطلاب العاملين حاملا معه صور الحرمان والشقاء,حاملا معه اشجانه والامه ليحط على احد اغصان الشجرة الصدرية التي تثمر العلم والاخلاق,كان الامام الصدر قد غرسها على رابية مشرفة على البحر,تغسل اطرافها على شاطئه,واستعار ماءها من موجه وزخرفها من اصدافه,ومن ارجوانه,ارادها الامام على تلك التربة (البرج الشمالي) لتكون بجوار الارض المقدسة.خرج من مدرسته معركة ليتعلم مهنة ما يستفيد منها في كسب العيش الكريم.
أنهى الشهيد مهمته الدراسية كطالب ناجح,ليتولى مهمة التدريس في المؤسسة عام 1977 ,بعد ان رفض العمل في احدى المؤسسات التجارية في صور بالرغم من زيادة راتبها عن الراتب الذي سيتقاضاه في المؤسسة,لان عمله هذا سيحد من نشاطه الرسالي ,لذلك فضل الالتحاق بالمؤسسة كأستاذ لمادة الكهرباء في المصنع العلمي والرسم الصناعي والتكنولوجيا الخاصة,ثم عين ذللك مسؤلا لقسم الكهرباء وعضوا اداريا لما يتمتع به من اخلاص وكفاءة في العمل.
الشهيد القائد استاذاً اكاديمياً ورسالياً
عين الشهيد القائد مدرساً لمادة الكهرباء في العام 1977 بعد أن رفض عدداً من فرص العمل خارج المؤسسة ليس لسبب بل لإيمانه بأن المؤسسة هي إحدى القلاع التي بناها الامام القائد لتكون الانطلاقة الداعية والصادقة والملتزمة لمقاومة اسرائيل ولرفع الحرمان عن كاهل اللبنانيين وتخريج اجيال ملتزمة من اجل مجتمع سليم مؤمنة وهو القائل (فرد رسالي + أمة مؤمنة تساوي حضارة اسلامية). إن وجود الشهيد القائد في المؤسسة فتح له الآفاق لكي يشارك في العمل الثقافي والعمل العسكري داخل المقاومة والالتقاء بالكوادر من المناطق اللبنانية كافة، إضافة الى إلقاء المحاضرات التنظيمية والقيام بإعداد الكوادر وتنظيم الخلايا في المدن والقرى اللبنانية وكانت المؤسسة هي المنطلق.
ورأى "الشهيد القائد" أن العمل الرسالي ليس رحلة بين الزهور والرياحين - بل عملاً يتطلب صبراً وجهاداً ومتابعة والتزاماً، فالرسالي يجب أن يكون له الحضور الدائم على مستوى قضايا المجتمع وطموحات أهله. قال الشهيد القائد في إحدى ندواته: نحن قوم نعشق الشهادة نعشق الحياة، لأن الحق واضح والباطل واضح والمقاومة واضحة والاحتلال واضح. ويضيف الشهيد القائد: "إذا خيِّرت أن تموت بطلاً وشهيداً وبين أن تعيش ذليلاً، اخترت طريق البطولة والشهادة.
المقاومة الباسلة
خاض الشهيد القائد وأخوانه غمار المقاومة بعد أن صنعوا الشخصيات الرسالية والنفوس الأبية التي أخذت من الحسين(ع) سلوكاً ومنهجاً ومن أقوال الامام القائد أفعالاً فكانت المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي بقرار الثلة الملتزمة تحت شعار "اسرائيل شر مطلق" والتعامل معها حرام، وقد سبق هذا القرار سلوكاً مقاوماً حيث واجه أبناء الامام القائد السيد موسى الصدر في البرج الشمالي وفي خلدة وغيرها من المواقع عندما كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي تدخل إبان الاجتياح في حزيران عام 1982م. وطالما ردد الشهيد القائد قوله نحن ابناء المقاومة نحن الرقم الصعب الذي يصعب على الجميع تجاوزه، وأن الكلمة إن لم يكن لها رصيد الشهادة والتراث والحضارة والتاريخ والأخلاق وإن لم تستند الى الفعل الحسيني فهي كلمة لا قيمة لها.
مارس الشهيد القائد فعل المواجهة بعدد من الخطوات التنظيمية عبر صفوف المقاومة:
1- تعبئة الوطنية ودعوة للتمسك بالأرض والقيم والمبادىء.
2- إحياء المناسبات الدينية وإقامة المهرجانات التي من خلالها استطاع مع اخوانه أن يصنعوا المجتمع المقاوم - هذا المجتمع الذي شارك فيه الشيخ والمرأة والطفل والشاب حيث توزعت الأدوار بهدف مقارعة الاحتلال وكان النجاح الباهر للشهيد القائد عندما اقيمت مسيرة جماهيرية حاشدة في صور بذكرى تغييب الامام القائد السيد موسى الصدر في يوم 31 آب 1982 أي بعد الاجتياح الاسرائيلي بأقل من 25 يوماً حيث أثبتت قيادة المقاومةيومها أنها قادرة على قيادة الجماهير لصناعة مجتمع الحرب والمجتمع المقاوم الذي دعا له الامام القائد السيد موسى الصدر. وقد رفع بالمسيرة شعارات نددت بالاحتلال الاسرائيلي ودعت الى مقاومته بشتى الوسائل المتاحة. وقد وعى الشهيد القائد خطورة الاحتلال الاسرائيلي على المجتمع، الخطورة ليست الأمنية فقط بل الثقافية والاقتصادية فدعا الى تنقية المجتمع من العملاء. لقد كانت دائماً قيادة المقاومة واعية لهذه المشاريع وقد رفضت برمتها على لسان الاستاذ نبيه بري عندما قال: لا يمكن أن نكون مع العصر الاسرائيلي الذي حذرنا منه الامام الصدر ولا نركب قطار السلم الاسرائيلي ولن نهادن ولن نسالم ولن نسقط ولا للإفرازات الماضية والحاضرة والآتية لا خوفاً ولا طمعاً فالتعامل مع اسرائيل حرام. وعليه كانت انتفاضة السادس من شباط التي أسقطت اتفاق 17 أيار.
وقد عمدت قوات الاحتلال الاسرائيلي الى تطبيق الكثير من الخطط العسكرية ضد المقاومة (القبضة الحديدية) لكن الشهيد القائد خليل جرادي أعلن القبضة الحسينية في مواجهة القبضة الحقيقية الاسرائيلية التي ما فتئت أن تبددت تحت ضربات المقاومة يوم أعلن الشهيد القائد عن عمليات وفتح باب خيبر وتحت شعار خيبر خطط الشهيد القائد محمد سعد وأخوانه بضرب الاحتلال الاسرائيلي في كل الجنوب بنفس الوقت وهذا ما حصل إذ استطاعت المقاومة أن تسجل في يوم واحد أكثر من سبعين عملية بين تفجير عبوات وقنص جنود واعتراض آليات وقصف مراكز عسكرية واغتيال عملاء يومها كتبت الصحف العالمية أن اسرائيل تواجه جيشاً منظماً اسمه المقاومة وقائده رجل من بلدة معركة اسمه (محمد سعد).
استشهد نصف الجنوب
محمد سعد قمة المقاومة حاز قمة الشهادة في يوم الرابع من آذار من العام 1985 خرجت بلدة من الانتصار الى النصر، خرجت من الانتصار حيث تصدى الأهالي ورجال المقاومة لهجوم اسرائيلي واسع اجتاح البلدة بأكثر من الف جندي اسرائيلي ومعهم الكثير من الآليات والمركبات العسكرية والطائرات المروحية كان ذلك في اليوم الثاني من آذار عام 1985م ذلك التاريخ الذي لا ينسى والذي حفر بحرب الحقد الصهيوني على صخرة تاريخنا العاملي المقاوم. في ذلك اليوم خرج المقاومون من منازلهم أنه يوم الشهادة والبطولة يوم النصر العظيم، يوم الفوز. 4 آذار 1985 ترجل الشهيد القائد محمد سعد ومعه الشهيد القائد خليل جرادي وأخوانهم من قيادة المقاومة في شوارع معركة حيث تجمع عدد كبير من الأهالي كما في كل مرة يتجمعون بعد المداهمات الاسرائيلية تجمع الأهالي ليتناقلوا احاديث المواجهة وهزيمة العدو الاسرائيلي وفشله في اعتقال قيادة المقاومة.
وفي حوالي الساعة العاشرة إلا ربع من الاثنين وبعد أن صعد الشهيدان القائدان محمد سعد وخليل جرادي الى الحسينية وكان الشك يملأ قلوبهم بأن الاسرائيليين يحضرون لشيء ما كما تخوف خلال مسيرته الجهادية عن العملاء في تلك اللحظات وهو يعالج المشكلات الاجتماعية للأهالي، وإذ بأيد صهيونية وذلك بزرع عبوة ناسفة حيث كانت المجزرة الرهيبة التي أودت بحياة الابطال ورفرفت أرواحهم فوق ربوع هذا الجبل العاملي
--------------------------------------------------------------------------------