طه حسين (ولد 1889 - توفي 1973) أديب وناقد مصري كبير، لُقّب بعميد الأدب العربي. غيّر الرواية العربية، خالق السيرة الذاتيّة مع كتابه "الأيام" الذي نشر عام 1929. يعتبر من أبرز الشخصيات في الحركة العربية الأدبية الحديثة ومن أبرز دعاة التغريب في العالم الإسلامي[1].كانت له آراء وكتابات لا تتماشى مع الدين الإسلامي[2].
ولادته
ولد طه حسين في الرابع عشر من نوفمبر سنة 1889 في عزبة "الكيلو" التي تقع على مسافة كيلو متر من "مغاغة" بمحافظة المنيا بالصعيد الأوسط، وكان والده حسين عليّ موظفًا صغيرًا رقيق الحال في شركة السكر، يعول ثلاثة عشر ولدًا سابعهم طه حسين..
ضاع بصره في الثالثة من عمره بعد اصابته بالرمد، حفظ القرآن الكريم قبل أن يغادر قريته إلى الأزهر، وتتلمذ علي يد الإمام محمد عبده. طرد من الأزهر، ولجأ إلى الجامعة المصرية في العام 1908 ودرس الحضارة المصرية القديمة والإسلامية والجغرافيا والتاريخ والفلك والفلسفة والأدب وعكف علي إنجاز رسالة الدكتوراه التي نوقشت في 15 مايو 1914 التي حصل منها على درجة الدكتوراه الأولى في الآداب عن أديبه الأثير: أبي العلاء المعري.ثم سافر إلي باريس ملتحقًا بجامعة مونبلييه وفي عام 1915 أتم البعثة. حصل علي دكتوراه في علم الاجتماع عام 1919 ثم - في نفس العام - حصل علي دراسات عليا في اللغة اللاتينية والروماني وعين أستاذًا لتاريخ الأدب العربي.
عاد من فرنسا سنة 1918 بعد أن فرغ من رسالته عن ابن خلدون، وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني إلى سنة 1925 حيث تم تعيينه أستاذًا في قسم اللغة العربية مع تحول الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية. وما لبث أن أصدر كتابه "في الشعر الجاهلي" الذي أحدث عواصف من ردود الفعل المعارضة. كان من أولئك الذين تصدوا لنقد هذه الفكرة الأديب الألمعي والمحقق الكبير محمود محمد شاكر، بل دارت بينهما عدة نقاشات حيال ذلك وكان محمود إذ ذاك في ثاني سنيّه الجامعية، وانتهى ذلك بخروج محمود محمد شاكر من الجامعة.
تواصلت عواصف التجديد حوله، في مؤلفاته المتتابعة، طوال مسيرته التي لم تفقد توهج جذوتها العقلانية قط، سواء حين أصبح عميدًا لكلية الآداب سنة 1930، وحين رفض الموافقة على منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين سنة 1932، وحين واجه هجوم أنصار الحكم الاستبدادي في البرلمان، الأمر الذي أدى إلى طرده من الجامعة التي لم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة صدقي باشا.
في الشعر الجاهلي
في عام 1926 ألف طه حسين كتابه المثير للجدل "في الشعر الجاهلي" وعمل فيه بمبدأ ديكارت وخلص في استنتاجاته وتحليلاته أن الشعر الجاهلي منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين وزاد طه حسين فنال من الإسلام والقرآن. فتصدى له العديد من علماء الفلسفة واللغة ومنهم: مصطفى صادق الرافعي والخضر حسين ومحمد لطفي جمعة والشيخ محمد الخضري وغيرهم. كما قاضى عدد من علماء الأزهر طه حسين إلا أن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة للدين أو للقرآن. فعدل اسم كتابه إلى "في الأدب الجاهلي" وحذف منه المقاطع الأربعة التي اخذت عليه.
نقده
يروي البعض -ومنهم أبو اسحاق الحويني-أنه كان يسعي لهدم الدين و أنه جند بعد رجوعه من باريس لبث الأفكار المغلوطة و الخبيثة مستندين إلى أنه تزوج من مسيحية غير مصرية وأن ابنه مؤنس لا يعرف اللغة العربية ودعوته إلى الأَوْرَبة[3][4][5][6][7].ورمي باستنساخ أفكار أدباء الغرب وتحديدا مرجليوث - اليهودي المتهم بالحقد على الإسلام[8] - عن انتحال الشعر الجاهلي[9],لإن مرجليوث كان قد سبقه بإنكار الشعر الجاهلي بعشرة أشهر فتبعه في ذلك بعد أن كان لا يمتري في هذا الشعر[10].كما قال لويس ماسينيون قال عندما قرأ كتابه المسمى في الشعر الجاهلي:
هذه بضاعتنا ردت إلينا[11]
ومما أخذ على طه حسين قوله بانعدام وجود دليل على وجود النبيين إبراهيم وإسماعيل فضلا عن زيارتهما الحجاز ورفعهم الكعبة سالكا بذلك المنهج الديكارتي في التشكيك[12],ويقول في هذا الصدد.
للتوراة أن تحدثنا عن ابراهيم واسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما ولكن هذا لا يكفي لصحة وجودهما التاريخي[13]
واتهم بخدمة يهود مصر عبر الكتابة في إصدارهم المدعو مجلة الكتاب والتي يمولها أسرة هراري اليهودية وشارك مع توفيق الحكيم ولويس عوض وسهير القلماوي وحسين فوزي.[14].كما دعا طه حسين في الكتاب المذكور آنفا إلى حمل مصر على الثقافة الغربية والانفصال عن تاريخها الاسلامي دون الفرعوني فبينما يصف الفتح الإسلامي لمصر بإنه استعمار عربي،يصف المستعمرين الإنجليز بإنهم أصدقاء [15][16].فيقول
« إن الفرعونية متأصلة في نفوس المصريين ولو وقف الدين الإسلامي حاجزاً بيننا وبين فرعونيتنا لنبذناه.»
[17].وساند عبدالحميد بخيت أمام الأزهر في فتوى جواز الإفطار في نهار رمضان لمن يجد أدنى مشقة[18].كما زعم أن القرآن من صنع النبي محمد [19][20].وأن محمد رجل سياسة لا رسول[21].وأن ألفية ابن مالك تعدل خمسين نسخة من القرآن الكريم[22].فاتهم بالكفر والإلحاد[23][24].وطالب مشايخ الأزهر بحذف فقرات من كتابه الأيام الذي يحكي سيرته بدعوى أنه كافر[25].وقد نقل القول بكفره مصطفى صادق الرافعي حين قال:
«فلما يكون طه حسين كافراً ومؤمنا في عقله وشعوره، ولا يكون في فلسفته هذه مغفلاً من ناحية ومخطئاً من ناحية أخرى، وهل يجتمع هذا التناقض إلا في عقل واهن ضعيف كعقل الأستاذ، وإلا فمن ذا الذي يعقل أن نفى النبوة والوحي وتكذيب الكتب السماوية هو على وصف من الأوصاف علم وعقل وعلى وصف آخر دين وإيمان»
[26].وكذلك أبو اسحاق الحويني[27].ونقل الإلحاد عنه إسماعيل أدهم في بحثه "طه حسين -دراسة وتحليل" الذي طبعه سامي الكيالي,حيث أشاد به ووصفه بالإلحاد والثورة على الدين وفكرته عن الأصل البشري للأديان[28].
الرد عليه
قام مصطفى صادق الرافعي يتأليف كتاب سماه تحت راية القرآن للرد على كتاب في الشعر الجاهلي وألف كذلك بين القديم والجديد للرد على كتاب ألفه طه حسين وهو مستقبل الثقافة في مصر وعلى كتاب سلامة موسى المدعو اليوم والغد[29].ويأخذ عليه أنه لم يصل على النبي ولو مرة واحدة في كتابه المذكور آنفا ولو حتى بكتابة (ص),ويسميه "المبشر طه حسين"[30].وقد صنف إبراهيم عوض مؤلفا جمع فيه أقوال النقاد والمؤرخين سماه "معركة الشعر الجاهلي بين الرافعي وطه حسين".
وممن رد عليه محمد حسين هيكل فقال
«أستميح طه العذر إن خالفته في اتخاذ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وعصره مادة الأدب الأسطورة. وأشار إلى ما يتصل بسيرته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ساعة مولده، وما روي عما حدث له من إسرائيليات رُوِّجت بعد النَّبيّ»
وأردف
«ولهذا وما إليه يجب في رأيي أن لا تتخذ حياة النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-مادة الأدب الأسطوري، وإنما يتخذ من التاريخ وأقاصيصه مادة لهذا الأدب، وما اندثر أو ما هو في حكم المندثر، وما لا يترك صدقه أو كذبه في حياة النفوس والعقائد أثراً ما. والنَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-وسيرته وعصره يتصل بحياة ملايين المسلمين جميعاً, بل هي فلذة من هذه الحياة. ومن أعز فلذاتها عليها وأكبرها أثراً. وأعلم أن هذه (الإسرائيليات) قد أريد بها إقامة ميثولوجية إسلامية لإفساد العقول والقلوب من سواد الشعب, ولتشكيك المستنيرين ودفع الريبة إلى نفوسهم في شأن الإسلام ونبيه-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-فقد كانت هذه غاية الأساطير الذي وضعت عن الأديان الأخرى. من أجل ذلك ارتفعت صيحة المصلحين الدينيين في جميع العصور لتطهير العقائد من هذه الأوهام»
[31] كما قال سيد قطب عنه إن كتاباته عن الإسلام كلها خبيثة.[32]،وألف كتابا أسماه "نقد كتاب مستقبل الثقافة في مصر لطه حسين"[33].وممن رد عليه أنور الجندي في كتابه "محاكمة فكر طه حسين"[34].كما عارضه خالد العصيمي في بحثه "مواقف طه حسين من التراث الإسلامي"[35].وأفرد محمود مهدي الاستانبولي في كتابه طه حسين في ميزان العلماء والأدباء فصلا عن نقد طه حسين.وكذلك صابر عبدالدايم في بحثه "بين الرافعي وطه حسين تحت راية القرآن".[36].ويروي محمود محمد شاكر أنه كان أحد طلبته وحصل له مايلي
«بعد المحاضرة طلبتُ من الدكتور طه أن يأذن لى فى الحديث، فأذن لى مبتهجا، أو هكذا ظننت. وبدأت حديثى عن هذا الأسلوب الذى سماه: "منهجا" وعن تطبيقه لهذا المنهج فى محاضراته، وعن هذا "الشك" الذى اصطنعه: ما هو؟ وكيف هو؟ وبدأت أدلل على أن الذى يقوله عن "المنهج" وعن "الشك" غامض، وأنه مخالف لما قاله ديكارت، وأن تطبيق منهجه هذا قائم على التسليم تسليمًا لم يداخله الشك بروايات فى الكتب هى فى ذاتها محفوفة بالشك! وفوجئ طلبة قسم اللغة العربية، وفوجئ الخضيرى خاصة. ولما كدت أفرغ من كلامى انتهرنى الدكتور طه وأسكتنى، وقام فخرج»
[37].
اتهامه بالردة
نقل أحمد حسين في مقالة كتبها بعنوان "العودة لطه حسين مفخرة مصر" في مجلة الثقافة سنة ١٩٧٩ عن فريد شحاته وهو مسيحي ويعمل كاتبا لطه حسين[38] قوله
«أن طه حسين قد تعمَّد لاعتناق النصرانية عند زواجه من سوزان الفرنسية، وكان ذلك في كنيسة إحدى القرى في فرنسا»
ولم يقطع أحد بصحة هذا القول كما لم ينفه أحد[39].لكن أحمد حسين يقرر الحقائق الآتية[40]:
1.زواجه بفرنسية تحمل اسماً مسيحياً رضيت أن تتبعه إلى مصر رغم فقره وكونه ضريراً.
2.أن إسلامه لم يؤثر على علاقته بأسرة زوجته المسيحية جداً وعمها القسيس الكاثوليكي[41].
3.اتخذ ملازماً له إنساناً مسيحياً.
4.جعل ديدنه الهجوم على الإسلام ومؤسساته وترويج آراء المستشرقين من يهود ونصارى ممن استقدمهم وملأ بهم كلية الآداب،
كما يستشهد بسكوت زوجته في مذكراتها عن نفي هذا الحديث،وكثرة ماورد في مذكراتها عن غشيانهم الكنس والدير وزيارة القساوسة وغيابهم عن المساجد والجوامع كجامع محمد علي في القاهرة وجامع قرطبة خلال زيارتهم لمدينة قرطبة. وأفاض إبراهيم عوض في سرد القرائن فقال[42]:
1.أن زوجة طه حسين لم تكن تحبه حين قبلته زوجا.كماذكرت الزوجة في مذكراتها وسامي الكيالي في كتابه "مع طه حسين"،لكن عمها القسيس أقنعها بالزواج به.
2.قوله بأن مؤنس ابن طه حسين كان ينادى في المنزل بكلود.
3.ذكرت زوجة طه حسين أن والدة طه حسين لم تكن تستنكف من دخول النبيذ إلى بيتها على الرغم من أنها عجوز أمية صعيدية مسلمة.
4.محبة طه حسين لعم زوجته.حيث يقول أنه أحب رجل إلى نفسه وأنه مثله الأعلى ودليله في الحياة.
5.اتخاذه توفيق شحاته ثم خلفه أخوه فريد وسليم شحاته وألبير برزان وكلهم نصارى أعوانا له.فضلا عن أستاذ أزهري.
6.اجتماعه مع الأساتذة الأجانب في الجامعة في بيته يوم الأحد الذي يوافق عيد النصارى.
7.اتصاله بكثير من المستشرقين المتهمين بإساءة القول في الإسلام ونيله عددا من الشهادات الفخرية من الجامعات الأوروبية.
8.زيارته للجامعة العبرية بعد سنتين من تأسيسها وتذليله العقبات أمام أحد الطلبة للإلتحاق بركبها.
9.تعامله مع أبا إيبان وزير خارجية إسرائيل في مجلة الكاتب حيث عمل مشرفا ماليا عليها.
10.مساعدته أصدقائه من اليهود من الفرار من مصر في أثناء اقتراب الألمان من العلمين.
أقواله
"أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم، لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يُكره، وما يُحمد منها وما يُعاب" (مستقبل الثقافة في مصر، ص 41).
"وما أريد أن أفصل الأحداث الكثيرة الكبرى التي حدثت في أيامهما، فذلك شيء يطول، وهو مفصل أشد التفصيل فيما كتب عنهما القدماء والمحدثون. وأنا بعد ذلك أشك أعظم الشك فيما روي عن هذه الأحداث، وأكاد أقطع بأن ما كتب القدماء من تاريخ هذين الإمامين العظيمين، ومن تاريخ العصر القصير الذي وليا فيه أمور المسلمين، أشبه بالقصص منه بتسجيل الحقائق التي كانت في أيامهما"
مؤلفاته
•الفتنة الكبرى عثمان.
•الفتنة الكبرى علي وبنوه.
•في الشعر الجاهلي.
•الأيام.
•دعاء الكروان.
•شجرة البؤس.
•المعذبون في الأرض.
•على هامش السيرة.
•حديث الأربعاء.
•من حديث الشعر والنثر.
•مستقبل الثقافة في مصر.
•أديب
•مرآة الإسلام
•الشيخان
•الوعد الحق
•جنة الشوك
•مع أبي العلاء في سجنه
•في تجديد ذكرى أبي العلاء
•في مرآة الصحفي
وفاته
توفي 28 أكتوبر 1973 عن عمر يناهز 84 عاماً.