كلاً منا في هذه الحياة يبحث عن سعادة في حياته حتى اصبحت كالسراب نراه من بعيد دون الحصول عليه وكأنه بات أمر من المستحيل الوصول إليه... فحيرتنا كيف أيتها السعادة نحصل عليك؟؟؟ وكيف تغمريننا بحضنكِ الدافي؟؟ بحث الناس في كل العصور عن مصدر السعادة و عن مصدر التعاسة، ولكنهم لم يستطيعوا تحديد أي منها بدقة، فمن المفترض أن يشعر الإنسان عندما يحقق نجاحاً، وأن يشعر بالتعاسة عندما يصادف فشلاً، ولكن المسألة ليست بهذه البساطة. فهناك كثيرون يشعرون بالشقاء رغم ما حققوا من نجاح وثروات، وهناك أيضاً من يشعرون بالسعادة رغم ما يمرون به من تجارب يصفها البعض بالفشل. وهناك من يرون أن التخلي عن الثروة والإقلاع أن الانشغال بالنجاح هو أول خطوة في طريق السعادة الحقيقية. وهكذا يبدو أن النجاح ليس هو المصدر الأساسي للسعادة البشرية، بل تسير الأمور كما لو كان هناك شيء أهم من النجاح و الفشل، وكأن النجاح والفشل مجرد عارضتين يظهر فيهما الإنسان ما يختزن من مشاعر سعادة أو حزن. الفـــــــــرق بين السعادة والإشباع: يسعى كثيرون منا إلى اكتناز المال اعتقاد منهم بأنه سيمنحهم السعادة، وذلك بتحقيق كل ما يردونه من خلاله، وبناءً على هذا الاعتقاد يؤجلون تحصيل السعادة إلى ما بعد تحصيل المال، وهؤلاء طبعاً يخلطون بين السعادة والإشباع، إذ يولد الإنسان وبداخله قدر من السعادة رغم أنه لا يملك شيئاً سوى حياته، فليست هناك حقيقة بين السعادة والممتلكات الخارجية. بل ترتبط السعادة بالحياة وحدها دون أي إضافات، فالإضافات تسبب ما يسمى بالإشباع. ولكن غالبية الناس ينشغلون عن السعادة الداخلية بملاحقة أوهام الإشباع التي تعتمد على الممتلكات الخارجية، فالإشباع وهو لا يتحقق إلا بشكل مؤقت، ودائماً يعقبه جوع، فتستمر دائرة الجوع والإشباع إلى ما لا نهاية، ويظل الباحثون عن الإشباع الخارجي يلهثون وراءه دون أي يصلوا إلى منتهاه، لأن السعادة لا توجد في الأشياء خارج الإنسان،إنما هي تنبع من داخله وتصب في داخله أيضاً. النجاح الخارجي لا يصنع سعادة داخليه، فإذا لم تكن سعيداً من الداخل فلن تشعر بالسعادة من استخدام أو الحصول على الأشياء الخارجية، وإنما ستشعر بإشباع مؤقت، أما السعادة الداخلية فتبقى معك مهما واجهت من إخفاق أو تعثر في مسيرة حياتك. المال والنجاح في الحياة يمنحانك الفرصة للتعبير عن السعادة التي تسكن فيك أصلاً لكنهما لا يصنعان سعادة من لا شيء. فكم من غني لا يملك حتى الابتسامة ، وكم من ناجح لا يعرف طعم السعادة فقط إنجاز بدون سعادة فهؤلاء ما استفادوا شيء. لأن رحلة البحث عن السعادة تبدأ من الداخل، الرحلة إلى الدخل تمكنك من بناء الأساس الذي يأتي النجاح الخارجي ليغلفه ويزينه، هذا الأساس هو الذي يمكنك من تحمل عناء البناء الخارجي وتحمل مخاطره وتقبل نتائجه إيجابية كانت أو سلبية. وهناك فلسفة تقول بأن هناك علاقة أحادية الاتجاه بين النجاحين الداخلي والخارجي، النجاح الداخلي يقودك إلى النجاح الخارجي، ولكن العكس لا يحدث ابدآ بل على العكس، فالانشغال بالنجاح الخارجي وحده يعوق الإنسان عن تحقيق النجاح الداخلي.