]الأم في المفهوم الإسلامي
يقول الله تعالى:" وقضى ربك ألاِّ تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحساناً".
وقال الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :" ما من ولد بارٍّ ينظر إلى والديه نظرةٍ رحيمةٍ إلاّ كتب الله له بكل نظرة حجّة مبرورة ، قيل : وإن نظر كل يوم مائة نظرة ؟ قال : نعم الله أكبر وأطيب".
وقال الشاعر :
ولم أر للخلائق من محلّ
يهذبها كحضن الأمهات
فحضناالأم مدرسة تسامت
بتربية البنين أو البنات
وأخلاقً الوليد تقاسً حقّاً
بأخلاق النساء الولدات
في ظل الإسلام احتلت المرأة مكانها المناسب في بناء المجتمع وتكوين الأمة ، وذلك على مختلف صًعًد حياتها وشتى أوضاعها في نطاق الأسرة ، وفي نطاقالمجتمع ،وفي نطاق الإنسانية برمّتها.
وسأتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام من حيث كونها أًمّاً: إعلموا أيها الفضلاء أن الإسلام حضّ على البر بالوالدين ، وأمر بالإحسان إليهما ، وذلك لما للوالدين من فضل كبير على الولد في إنجابه وفي تربيته وفي رعايته، وجاء الحضًّ الإسلامي على الإحسان إلى الوالدين وحسن الأدب معهما في كتاب الله المبين ، وفي أحاديث رسوله الأمين ، أما في كتاب الله فنقرأ قوله تعالى :" أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير ".
وقوله :" وصاحبهما في الدنيا معروفاً ".
وأما في الأحاديث الشريفة فقوله عليه الصلاة والسلام :" رضى الرب في رضى الوالدين ، وسخط الرب في سخط الوالدين ".
كما نذكر أن رجلاٍ أتى النبي يريد الجهاد فقال له الرسول عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام : ألك والدان ؟ قال : نعم ، قال عليه الصلاة والسلام : ففيهما فجاهد ". وقال لرجل سأله عن الوالدين ، قال : هما جنتك ونارك ".
ولكن الإسلام أيها الكرام في مسيرة دعوته إلى البر بالوالدين والإحسان إليهما أعطى الأم خصوصية في العناية بها والإهتمام بحسن رعايتها ، وذلك نظراً لصلتها الوثيقة الجسدية والروحية بالولد ، حيث أن الأم تتحمل مشقة الحمل والوضع ، وفي مرحلة الإرضاع والحنان على الولد أثناء طفولته إلى آخر لحظات حياته ، ولقد أشار الله تعالى إلى هذا في محكم كتابه فقال :" ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أُمه كرهاً ووضعته كرهاً ".
وأكد النبي هذه الخصوصية بالأم عندما جاءه رجل فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال أمك ، قال ثم من ؟ قال : أبوك ".
وأتاه رجل فقال : يا رسول الله ، إني حملت أمي على عنقي فرسخين في رمضاء شديدة ( أي رمال ملتهبة ) لو أًلقيت فيها بضعة لحم لنضجت ، فهل أديت شكرها ؟ فقال : لعله أن يكون لطلقة واحدة ( أي حين الولادة ) .
فما عانته الأم من ألم الحمل والوضع لا يعدله الإحسان إليها مدى الحياة .
ذكر أن أسامة بن زيد عمد إلى نخلة فنقرها وأخرج جُمّارها ( أي لبّها ) فأطعمه أمه ، فقالوا له : ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم ؟ قال : إن أمي سألتنيه ، ولا تسألني شيئاً أقدلا عليه إلاّ أعطيتها .
لقد أدرك هؤلأ أن الأم هي المربي الأول للأجيال ، والمصنع الأول للأبطال ، والمدرسة الأولى للنماذج البشرية الصالحة من النساء والرجال
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
فإذا انتخبت الأم انتخاباً ، وأسست تأسيساً متيناً ، ونبتت في منابت الفضيلة ، وأُعدّت فكرياً وروحيّاً وسلوكيّاً ، إعداداً قويماً على هدي منهج الله الحق ، كانت كفيلة بتخريج الجيل الإنساني الأمثل ، وتربية الأبطال الشجعان ، والقادة المحنكين ، والعلماء العاملين ، والمفكرين المبدعين ، والمصلحين المخلصين الذين تتكون بمجموعهم أُمة قوية لا تضعف ، ابيّة لا تذل ، أُمة عزيزة الجانب موفورة الكرامة.
أتوجه إلى أمي الغالية ، وإلى كل الأمهات لأقول لهن : مع كل سجدة صلاة أقول : رب اغفر لي ولوالدي ، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.
والسلام عليكم