الذرية الطاهرة
إن الله تعالى قد منح الصديقة الطاهرة (عليها السلام) تلك الذرية المباركة، حيث جعل منها الأئمة المعصومين الأطهار (عليهم السلام)وهذا مما يدل على شرافتها.
عن سلمان الفارسي أنّه قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) والحسن والحسين(عليهما السلام) يلعبان بين يديها، ففرحت بهما فرحاً شديداً، فلم ألبث حتى دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فقلت: يا رسول الله أخبرني بفضيلة هؤلاء لأزداد لهم حباً.
فقال: يا سلمان ليلة اُسري بي إلى السماء أدارني جبرئيل في سماواته وجنّاته، فبينا أنا أدور قصورها وبساتينها ومقاصيرها(14) إذ شممت رائحة طيبة فأعجبتني تلك الرائحة، فقلت: يا حبيبي ما هذه الرائحة التي غلبت على روائح الجنة كلّها؟
فقال: يا محمد تفاحة خلقها الله تبارك وتعالى بيده(15) منذ ثلاثمائة ألف عام ما ندري ما يريد بها.
فبينا أنا كذلك إذ رأيت ملائكة ومعهم تلك التفاحة، فقالوا: يا محمد ربنا السلام يقرأ عليك السلام وقد أتحفك بهذه التفاحة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فأخذت تلك التفاحة فوضعتها تحت جناح جبرئيل، فلمّا هبط بي إلى الأرض أكلت تلك التفاحة فجمع الله ماءها في ظهري، فغشيت خديجة بنت خويلد فحملت بفاطمة من ماء تلك التفاحة، فأوحى الله عزّوجلّ إلي أن قد ولد لك حوراء إنسية فزوّج النور من النور، فاطمة من علي، فإني قد زوجتها في السماء وجعلت خمس الأرض مهرها وستخرج فيما بينهما ذرية طيبة وهما سراجا الجنة الحسن والحسين ويخرج من صلب الحسين أئمة يُقتلون ويُخذلون فالويل لقاتلهم وخاذلهم(16).
وفي خبر طويل نذكر محل الحاجة منه، قال هارون العباسي للإمام الكاظم(عليه السلام): اُريد أن أسألك عن العباس وعلي، بم صار علي (عليه السلام) أولى بميراث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من العباس والعباس عم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وصنو أبيه؟
فقال لـه موسى (عليه السلام) : اعفني.
قال: والله لا أعفيتك فأجبني.
قال: فإن لم تعفني فآمني.
قال: آمنتك.
قال موسى (عليه السلام): إنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر، إنّ أباك العباس آمن ولم يهاجر وإنّ علياً (عليه السلام) آمن وهاجر وقال الله: (الذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا((17).
فالتمع(18) لون هارون وتغيّر وقال: ما لكم لا تنسبون إلى علي وهو أبوكم وتنسبون إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو جدّكم؟
فقال موسى (عليه السلام): «إنّ الله نسب المسيح عيسى ابن مريم (عليه السلام) إلى خليله إبراهيم (عليه السلام) باُمّه مريم البكر البتول التي لم يمسّها بشر في قوله (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين((19) فنسبه باُمّه وحدها إلى خليله إبراهيم (عليه السلام) كما نسب داود وسليمان وأيوب وموسى وهارون (عليهم السلام)بآبائهم واُمهاتهم فضيلة لعيسى (عليه السلام) ومنزلة رفيعة باُمّه وحدها، وذلك قوله في قصة مريم (عليها السلام) (إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين((20) بالمسيح من غير بشر، وكذلك اصطفى ربنا فاطمة (عليها السلام) وطهّرها وفضّلها على نساء العالمين بالحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة»(21).