أنهى رئيس المجلس نبيه بري مهمته على أكمل وجه، وعبر بجلسات مناقشة البيان الوزاري إلى برّ الأمان، متخطياً ألغاماً عدة زرعت في طريق نيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للثقة النيابية.
صار للبنان حكومة بعد مراوحة لنحو سنة ممتدة منذ تاريخ فتح ملف شهود الزور في حكومة سعد الحريري ومن ثم مرحلة تصريف الأعمال. «راحت السكرة وإجت الفكرة» قال أحد النواب، مشيراً إلى أن الوقت قد حان للعمل، لا سيما أن الكثير منه ينتظر الحكومة، نتيجة التركات الثقيلة التي تركتها لها الحكومات السابقة.
إذا ما أزيح موضوع المحكمة الدولية موقتاً من الواجهة، تظهر جبال من الورش التي لا بد لها أن تنطلق وبالسرعة القصوى. ورش حاول ميقاتي الإضاءة عليها خلال الكلمة الختامية التي ألقاها، ومنها قانون الانتخاب، العلاقات اللبنانية السورية، المغتربون، إصلاح القضاء، التعيينات الإدارية، نزع السلاح من أحياء المدن، مكافحة الفساد، معالجة الدين العام، وغيرها من الأمور الحياتية، التي رد عليها ميقاتي انطلاقاً من مداخلات النواب، وتحديداً نواب الأكثرية المحررين من ضغط الموضوع الواحد (المحكمة والسلاح) الذي فرض نفسه على كلمات نواب المعارضة.
قبيل إنهائه لكلمته كان النائب سامي الجميل أول الواقفين حاملاً أغراضه، وبمجرد انتهاء الكلمة، كان نواب الأقلية يتدافعون إلى الخارج، في غفلة عن بري، الذي كان منهمكاً في الإعلان عن بدء عملية التصويت على الثقة.
فوجئ رئيس المجلس بالانسحاب الجماعي: وين رايحين، سألهم، قبل أن يضيف: إذا اخترتم هذا الاسلوب الديموقراطي فأنتم أحرار. ثم دعا «وفقاً للمادة 85 من النظام الداخلي»، إلى المناداة بالأسماء. حصلت الحكومة على ثقة 68 نائباً، بينهم النائب ميشال المر الذي غاب عن كل الجلسات وشارك فقط في التصويت من مقاعد الأكثرية، التي حضرت بكامل أعضائها، وظهرت بحلة الفريق المتضامن الموحّد خلف حكومته. خرق يتيم أتى من جانب النائب طلال ارسلان حارماً الحكومة من صوت إضافي بغيابه عن التصويت.
امتناع وحيد ومفاجئ عن التصويت جاء من روبير غانم الذي كان قد حجب الثقة في كلمته، أما نائب «الجماعة الاسلامية» عماد الحوت الذي سبق وأعلن أنه سيمتنع، فإذا به يغيب عن الجلسة.
الأسلحة الثقيلة التي تركتها الأقلية للجلسة الأخيرة، لم تؤد الغرض منها كما وعد بعض نوابها. لم تأت كلمتا الرئيس فؤاد السنيورة والنائبة بهية الحريري بأي جديد يذكر عن كل ما قيل في الأيام السابقة: تركيز على ميقاتي، الذي غطى، بحسب السنيورة، «الانقلاب في سبيل الوصول إلى السلطة بشروط المتسلطين»، و«استباح كرامة بيروت ودورها وانتهك حرمة ناخبيها»، بحسب الحريري، التي ذكّرت ميقاتي، من دون أن تتوجه إليه مباشرة طيلة الجلسة، بـ«دوسها على جراحها في العام 2005 لتسميته لرئاسة الحكومة».
وكما كان ميقاتي في اليومين الأولين كذلك كان في اليوم الأخير للمناقشات هادئاً، مستمعاً، ناظراًَ إلى هندسة القاعة عالياً وممارساً عادته في نفخ وجنتيه، قبل أن يستحضر قواه للردّ على كل منتقديه، لا سيما ما يتعلق بفقرة المحكمة الدولية في البيان الوزاري. كلمة «مبدئياً» التي «عيّره» بها كل نواب الأقلية الـ 33 نائباً الذين تكلموا خلال جلسات الثقة، ليعلن أنها مقتبسة من الصيغة المقدمة من حكومة الرئيس سعد الحريري إلى اجتماع وزراء خارجية مجلس وزراء خارجية الدول العربية، والذي ينص على: «الأخذ علماً بالالتزام بالتعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أنشئت مبدئياً لتحقيق العدالة مع المحافظة على الاستقرار». ورغم الاعتراض على ما قيل نفياً لعلاقة الحريري بما كتب، كان ميقاتي جازماً في رفض أي حديث عن تنكر الحكومة لدماء الشهداء.
كذلك دافع ميقاتي عن استعمال كلمتي «متابعة» و«احترام» اللتين أزعجتا الأقلية، موضحاً ان الثانية تعبير قانوني يوازي بأهميته كلمة التزام، لاعتماده كأحد التعابير الدستورية الاساسية، والأولى، سبق ووردت في بياني حكومتي الحريري والسنيورة.
قمة الهرم في الكلمات التي تليت أمس، لم تأت من المنصة بل من مقاعد النواب حيث جلس النائب نواف الموسوي، مصوّباً النقاش في موضوع علاقة حزب الله بالمحكمة، لا سيما ان البداية كانت تعاوناً تاماً تمثل بوجود مكتب للتحقيق الدولي في الضاحية، وكذلك تقديم عدد كبير من المحسوبين على الحزب لإفاداتهم أمام تلك اللجنة. وهو ما يعني أن الموقف منها لم يكن مبدئياً بل تتطور تبعاً لأدائها وللأدلة الدامغة على تسييسها.
تضمنت كلمة الموسوي معلومات أكثر منها مواقف، أضاء الموسوي مثلاً على سيرة مصطفى بدر الدين النضالية وتحديداً في الكويت التي دافع عنها أثناء الهجوم العراقي، متهماً العقيد وسام الحسن بالاسم بأنه هو من سرّب أسماء المتهمين الذين وردت أسماؤهم ضمن القرار الاتهامي.
من ناحية «14 آذار» وحده النائب سامي الجميل قدّم عرضاً خطابياً مؤثراً، بدأه بدقيقة صمت على أرواح الشهداء، محاولاً الرد على كل الوقائع التي قدمها السيد حسن نصر الله لإثبات انحياز المحكمة، وهو ما خلق جواً من التوتر ضبطه بري، قبل ان يعطي حق الرد فالردّ على الرد للنائب علي عمار والجميل.
انتهت جلسات الثقة، بإعلان فشل المعارضة في موقعتها النيابية، في ظل محافظة الأكثرية على إيقاعها وحضور جميع قياداتها، فهل تكون الخطوة الثانية هي الشارع، هذا ما أشار اليه عمار حوري بعيد الجلسة.
عدوان
ركز النائب جورج عدوان في مداخلته على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قائلا «لا تحاول يا دولة الرئيس أن توهم نفسك انك تمتلك جزءاً من القرار، ولا توهمنا بأننا نناقش فعلاً بيانك الوزاري حتى لا نسخف أنفسنا وحتى لا يستخف الناس بعقولنا»، مشيرا الى انه «سيأتي يوم أقرب مما يتصوره البعض، سيكون عليك أن تحسم أمرك تختار فيه قوة الشرعية أو شرعية القوة بدون لبس أو مواربة».
ونبّه من «اننا نخشى على لبنان في ديموقراطيته التوافقية، وعلاقاته العربية، ومع المجتمع الدولي. نخشى أن تخطي حكومتك مسار سقوط الدولة تحت وطأة الدويلة». واعتبر أن «المحكمة وسيلة لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة»، داعياً الى «التعاطي مع المجتمع الدولي بمنطق وعقلانية لنناقش قضية المحكمة في قاعاتها. وننظر إلى عملها نتوقف عند أدائها نراجع تصرفاتها نأخذ الدلائل نمحصها بعقلانية واستقلالية، نأخذ كل ما لا يرقى إلى الشك. تعالوا لا نخيّر بعضنا البعض بين العدالة والاستقرار لان لا استقرار بدون عدالة ولأن وحدها العدالة تضمن الاستقرار. وحدها العدالة تضمن الاستقرار. وختم بحجب الثقة».
حرب
وتوجّه النائب بطرس حرب الى ميقاتي بالقول «آسف لأنكم وضعتم نفسكم في موقع الرهينة التي قبلت بأسرها وسجنها، ظناً منها أن السجن هو قصر ذهبي». مؤكداً «اننا على يقين أنكم عاجزون عن تبديل موقف أو تعديل حرف مما كتبته لكم الأكثرية».
واوضح ان البيان الوزاري يخلو من أي التزام، «بل يعتمد العبارات المبدئية العامة، ويتجنب أي وضوح أو ممسك، ولجأتم إلى أمهر جراحي تجميل الصياغات لعلكم تقنعون».
وشدّد على أن «التحوير الكبير حصل في بند المحكمة الدولية الخاصة»، سائلاً «ما هو مضمون هذا الموقف الحقيقي؟ هل هو تنصل من الالتزام بالتعاون مع المحكمة، وهل هو تشكيك في حيادية المحكمة، وهل هو إجهاض وإسقاط لأي قرار يصدر عنها؟».
ورأى انه «من حق الحكومة أن تطلب التوسّع في التحقيق لمعرفة دور إسرائيل المحتمل في الجرائم. فإذا كان لها يد في الاغتيالات يجب أن تُدان، وإذا كانت قد جندت من نفذ جرائم الاغتيال يجب أن يكشف التحقيق ذلك. إذ لا يكفي رفض نتيجة التحقيق الدولي لعدم التدقيق في ما أثاره فريق لبناني».
ولفت الانتباه الى «اننا ضد اتهام أي بريء، الاتهام الموجّه ضد عناصر من حزب لبناني، ليس حكماً نهائياً ولا يثبت إدانة أحد، بل يشكل شبهة جدية».
ودعا «الحكومة، وفي معرض احترامها لالتزامات لبنان الدولية، العمل على توفير الضمانات لحصول محاكمة عادلة لا تدين إلا المجرمين، وعلى المعنيين أن يدركوا الخطر الكبير الذي سيصيب وحدة البلاد واستقرارها وسلمها الأهلي إذا لم يتجاوبوا مع العدالة الدولية». ورأى أن «في تشكيلة هذه الحكومة خرقاً لأحكام الدستور». وأعلن حجب الثقة.
شهيب
وأكد النائب أكرم شهيب باسم كتلة «جبهة النضال الوطني»، على «تلازم العدالة والاستقرار»، معتبراً ان «السلم الأهلي يعلو فوق كل اعتبار»، مشدداً على ان «تأييد انقسامنا بين 8 و14 يدفع بوطننا الى الهاوية، فكانت لنا الشجاعة في الدعوة الى وسطية تضمن بقاء لبنان وسلمه الأهلي وتضمن الاستقرار والعدالة».
أضاف «قيل الكثير من الكلام غير الجميل بالوسطية ونهجها، ولكن من قال إن معيار المواقف الوطنية هو شعبيتها؟ فحساباتنا منع الفتنة وحماية السلم الأهلي بعيداً عن الاعتبارات الشعبية والعاطفية وكل الدوائر والأرقام الانتخابية. ومن قال إن المواقف التي تحمي الاستقرار والسلم الأهلي لا تصبّ في نهاية المطاف في مصلحة الوطن والشعب؟ ونحن ننحاز حكماً الى الوطن والشعب».
وأشار الى أن «تجارب التاريخ علمتنا ان هذا البلد لا يستقيم ويستقرّ إلا في إطار الحوار واللقاء والمصالحة. لن نتوقف أمام أقلام محنطة وحاقدة، أو خطابات شعبوية رنانة، أو بعض المداخلات من هنا وهناك».
وقال «لنترك المؤسسات تعمل ولنتعاون جميعاً لبناء وطن المؤسسات والعدالة والحرية والديموقراطية والسلم الأهلي». واعلن منح الثقة للحكومة.
الجميل
استهل النائب سامي الجميل مداخلته بتناول موضوع «المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية الذين ينتظرون ان يتحدث عنهم أحد في لبنان مع الدولة السورية، وهذا ينطبق على كل الذين تعاطوا في ملفهم في الحكومات السابقة».
وسأل: أين هم شهود الزور في البيان الوزاري؟ وأكد «أن المحكمة الدولية هي أفضل وأرقى إطار قضائي في تاريخ الإنسانية»، مشيراً إلى محاولة تسييس الطرف الآخر لها بالقوة وتشويه صورتها ومحاولة التشكيك في صدقيتها. وقال: «بدأ أول مسلسل من حلقات طويلة، حاول فيها سماحة السيد حسن نصرالله أن يظهر عبر التلفزيون متابعة إسرائيل لمسار الرئيس رفيق الحريري، فعرض صوراً في هذا الإطار. بعدما دققنا فيها تبين لنا من خلال الوقائع انها ملتقطة قبل عام 1997».
وأضاف: قال السيد نصرالله ايضاً ان (انطونيو) كاسيزي صديق لاسرائيل لأن أحدهم قال عنه كذلك في مؤتمر مرسيليا، بينما تبين لنا ان القاضي كاسيزي رفض حضور هذا المؤتمر لأنه منحاز. كما التقط السيد نصرالله جزءاً من كلام كاسيزي، واذا اطلعنا على سائر النص تبين لنا ان رئيس المحكمة الدولية كان يعترض على اداء اسرائيل ويطالب بدولة فلسطينية مستقلة.
وتابع: تحدث أيضا عن 97 جهاز كومبيوتر للجنة التحقيق الدولية نقلت الى اسرائيل بدلاً من مطار بيروت، وأظهر وثيقة عن كيفية تسلمها من المحكمة الدولية، فتبين لنا ان هذه الأجهزة ملك لهيئة الامم المتحدة لمراقبة الهدنة، والتي أنشئت عام 1948، وليس للمحكمة الدولية، وهذه الهيئة لها 4 مكاتب في الشرق الاوسط: بيروت وعمان واسرائيل والقاهرة، فما علاقة هذه الاجهزة المتعلقة بالهدنة بالمحكمة الدولية؟
وقال: كونوا أكيدين أننا لا نفتش عن كبش محرقة. نحن نقول بوضوح اننا لن نقبل ان نسير بمسار انتقامي ضد احد وانما هذه هي الوسيلة الوحيدة. ثمة جهتان تنظران في القضية، إما القضاء اللبناني وإما القضاء الدولي، لا ثالث لهما. فإذا اعتبرتم ان الاول غير قادر والثاني مسيّس وكأنكم تقولون لنا «بلطوا البحر» مثلما قالها أحدهم عبر التلفزيون.
وقال: انا اكيد ان اكثرية اعضاء «حزب الله» شرفاء لديهم قناعاتهم المختلفة عن قناعاتنا. واتحدث عن اصدقائي مثل النواب علي عمار ونواف الموسوي وعلي فياض ونوار الساحلي. وانما ارتكبتم خطأ مميتاً عندما صرحتم منذ بضعة اشهر انه لا يمكن ان يلقى الاتهام على بعض العناصر. فتبين من اسبوع انكم مخروقون واعترفتم بذلك. فلنساعدكم في هذا الموضوع، ولنترك المحكمة تساعد أيضاً. وختم بحجب الثقة.
رعد
واعتبر رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ان «شعار «الشركة والمحبة» الذي أطلقه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي هو تذكير وطني لازم في هذه المرحلة بالجوهر الحقيقي للبنان ووجوب الحفاظ عليه»، مؤكداً أن «على الحكومة والمعارضة معاً مسؤولية إيجاد الحلول والمخارج الواقعية للتباينات السياسية من جهة، ولحاجات البلاد ومتطلبات اللبنانيين وتوفير المناخات اللازمة للحفاظ على هذا الجوهر».
وأضاف إن «هذه الحكومة لعلّها الأولى على مستوى لبنانية النّشأة والتركيبةِِ وليست حكومة الحزب الواحد ولا حتى تشبهها، او اللّون الواحد»، مؤكداً ان «المعادلة الثلاثية شكّلت قوة لبنان وحصّنت وحدته، لذلك هي محل استهداف مركّز ومتواصل من قبل الأعداء والطامعين».
ولفت الانتباه الى ان «ما لم يستطع العدو مع المنظومة الدولية الداعمة له، إنجازه عبر العدوان العسكري المباشر يحاولون منذ فترة تحقيقه عبر استراتيجية الأبواب الخلفية والحرب الناعمة لتفكيك معادلة القوة، وللأسف الشديد فإن المحكمة الدولية هي إحدى الأدوات والآليات المستخدمة في هذه الاستراتيجية العدوانية والخطورة تكمن في غفلة البعض عن هذا المخطط، والأخطر منه هو التواطؤ مع هذا المخطط».
وأشار الى أن «الاستقواء بقوى دولية ضد أبناء الوطن، والتهديد بمقاطعة الحكومة هو توسّل للغلبة وتآمر موصوف وخروج فاضح على منطق الدولة والسيادة، لن يجني المتورّطون فيه إلاّ الخيبة والخسران».
وأكد «اننا في لبنان نطالب جميعاً بالحقيقة وننشد العدالة، ونعتبرهما ضمانة للاستقرار، وليس وارداً مطلقاً أيّة مقايضة في هذا الشأن، وليس بمقدور أي جهة مهما بلغ نفوذها أن تستخدم شعار الحقيقة والعدالة ضمن آلياتٍ لا تخدم إلاّ إخفاء الحقيقة والتغطية على ضلوع إسرائيل في الجريمة».
ورأى أن «الخديعة الكبرى هي في الربط بين العدالة والمحكمة، وكأنّ من يرفض المحكمة لا يريد العدالة.. في حين أن من يريد العدالة حقّاً لا يعتمد مثل هذه المحكمة، بل إن من لا يريد العدالة هو من يسوّق هذه المحكمة».
واعتبر أن هذه المحكمة الدولية مسيّسة ومزوّرة وفاقدة للصدقية والموضوعية هدفها دفن الحقيقة وتخريب الاستقرار الداخلي، إذ أن قواعد الإجراء فيها تستبدل غبّ الطلب، والمتحكّم فيها إرهاب دولي منظّم تديره الولايات المتحدة وإسرائيل».
ولفت الانتباه الى أن «القرار الاتهامي هو اتهام سياسي ظالم، استنسبت إصداره في توقيت سياسي مريب، دوائر استخبارات عالمية تمهيداً لشنّ إسرائيل حرباً جديدة على هذا البلد وشعبه»..
الحريري
وقالت النائبة بهية الحريري «لم أكن أرغب في المجيء إلى هنا كي لا أثقل على أحد، أو أذكر أحداً بما يحبّ أن ينساه»، مشيرة الى ان «هذه الحكومة أرادت بكل ثقة أن تدخل لبنان وبكل شجاعة في أعراض المنطقة. فهذه جمعة الانقسام وانعدام الثقة. والجمعة المقبلة جمعة المغانم والتعيينات. والجمعة التي ستليها ستكون جمعة تحميل المعارضة عدم الاستجابة للمصالحة والحوار».
وتوجهت الى الرئيس نبيه بري بالقول «حديثكم عن المصالحة في هذه اللحظات بالذات هو إدراك منكم لهول جريمة العزل السياسي، ومجزرة نحر مئات الآلاف من الأصوات التي عبرت عن خياراتها في الانتخابات»، مؤكدة أن «هذه الجريمة بدأت بالعزل ثم بالتكليف ثم بالتأليف ثم بالالتباس، مما أنتج انقساماً عميق الأثر وهو أكبر بكثير من أن تعالجه مسكنات الحوار».
وأوضحت أن «ما نراه اليوم هو أن كل الأسلحة مباحة بالاستخدام، فما كانت الثوابت الإسلامية الوطنية، ولن تكون دعوة للتنحي أو العزل، بل هي جاءت لاستيعاب ذلك التصرف العدواني من الذين لم يعودوا يميزون بين موقع العدو الأصلي على الحدود والذي تفرض علينا مواجهته حسن استخدام الأسلحة التي بين أيدينا».
وسألت «هل نحن من قايض على الدماء من أجل رئاسة الحكومة؟ هل كان في ذلك استخدام للدماء لإيصال نجيب ميقاتي إلى نادي الرؤساء؟».
وقالت ان «رئاسة الحكومة ملك كل اللبنانيين، وليست ملكا لعائلة. فنحن لم نساوم على دمائنا من أجل أشهر عجاف في حكومة الكيد والتعطيل والانتقام. ألم تكن «سين سين» يا دولة الرئيس نبوءتك؟ إن بعض من هم من عداد محبيك لا يعلمون شيئاً عن «سين سين» سوى تلك القصاصات الصحافية».
وسألت «كيف نكون إذا طالبنا بالعدالة قد أدخلنا لبنان في لعبة الأمم؟ إننا غير آسفين على التزامنا في المسامحة والمصالحة التي أحرجت غيرنا فعزلنا. وكيف لحكومة تعتبر استعادة الثقة والألفة مهمة جليلة وتؤكد انعدام الثقة والانقسام بين اللبنانيين؟ فهل من لا يملك الثقة يعطي من لا يريد الثقة؟».
السنيورة
ورأى الرئيس فؤاد السنيورة ان «للوسطية والاعتدال ادواراً ووظائف لجهة تأمين التغطية للانقلاب والسعي إلى تجميل صورته، وفي الحالتين سبيلاً للوصول إلى السلطة بشروط المتسلطين التي تختبئ أحياناً وراء التمايز عنهم»، مشيراً الى ان «الاعتدال صار ازدواجاً في الكلام أو توفيقاً لفظياً لا يغير في حقيقة المواقف شيئاً».
واعتبر أن «البعض يباهي أن أحداً لن يتمكن من معرفة مكان مواطنين لبنانيين هم موضع اتهام قضائي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري»، مستغرباً أن «لا يعترض أحد في الحكومة على التجاهل ولا على الاستهانة» سائلا «إلى أين يأخذنا هذا الاستكبار، بعيداً من منطق الدولة التي تجمعنا، والى متى سيستمر في تصديع وحدتنا كشعب واحد في وطن واحد. وهل المطالبة بالعدالة ومعرفة الحقيقة جرم تجاوز للحدود»؟
وجدد رفضه أن «نوضع في مكان علينا أن نختار بين العدالة أو الاستقرار الأمني وهي معادلة غير أخلاقية. إن وعد الاستقرار الأمني دون عدالة وعد مكذوب».
وشدّد على أن «الحكومة تتعهد احترام خطاب القسم في أول بيانها لتعود وتتنصل مما جاء فيه بعد أسطر قليلة وبدلاً من أن تنطلق من الالتزام بالقرار 1757، تكتفي بالإعراب عن احترامها له، وبين الالتزام والاحترام فرق كبير».
وأكد ان « النص الذي ابتدعته الحكومة في موضوع المحكمة لم يسبق أن أقدمت عليه أي حكومة سابقاً وهي في هذه الحال كحال رجل حمل باليمنى قلماً وفي اليسرى ممحاة يكتب باليمين ويمحو باليسار، ولعمري إنها براعة ما بعدها براعة في التنصل والتنكر والمخادعة».
وأضاف «ما قمتم به هو أنكم غامرتم وتغامرون بأمور كبرى عدة، منها السكوت عن استيلاء فريق مسلح على الدولة والنظام، والخروج على قرارات الشرعية الدولية واستعداء فئات واسعة من اللبنانيين، وارتهان لبنان الدولة لمصلحة محور إقليمي»، سائلاً أي «كشف حساب ستقدمه لناخبيك ومحبيك في طرابلس؟».
وختم بالقول «لما كنتم قد اخترتم الإبهام والالتباس وتغطية الانقلاب على المحكمة والتنكر لحق الشهداء المظلومين، فإن الرئيس رفيق الحريري يحجب عنكم الثقة».