داوود داوود إسم تردد في سماء عاملة ليصنع مجدأ ويفجر بركان الإنتصارات لأبناء الجنوب أبناء الوطن الواحد واستطاع داود أن يجسد علاقته التاريخية من خلال جهاده ومقاومته علاقة تاريخية مع الأنبياء والائمة الاطهار , مع الثوار والقادة الابرار, مع العلماء و الشهداء والاخيار .. استطاع داود أن يجسد علاقته التاريخية وارتباطه المتلاصق بسماحة الإمام الصدر إلى واقع سياسي وطني. داود داود ولد في طربيخا عام 1946 وتلقى علومه الاولى علي أيدي المشايخ وانتقل بعدها ليتابع تحصيله في مدرسة عيتا الشعب وحصل على شهادة المرحلة المتوسطة في الكلية الجعفرية ليلحقها بشهادته الإبتدائية. وفي هذه المرحلة وبعد نيله شهادة المرحلة المتوسطة التقت به فتاة من النبطية واتفقا على الزواج بعد المغريات التي قدمت من تأمين عمل في الكويت وتحسين وضعه المادي المتردي. وفي غمرة الوعود وتقديم المغريات تم عقد القران على أن يتم الزفاف لاحقا. ولكن داود بعد تفكير، أراد أن يكمل دراسته ويحقق طموحاته فتم فسخ العقد رغم رفع وتيرة المغريات المادية والوعود البراقة. وفي صور تابع دراسته الثانوية وكان مد الحركات القومية في أوجه فكانت له الفرصة في التعرف على أفكارها ومعايشة ساستها وكان يشارك في كل نشاط طلابي هادف ووطني.
التقى بسماحة الإمام الصدر في أوائل الستينات وذلك خلال ليالي القدر من شهر رمضان المبارك التي يحييها سماحة الإمام في نادي الإمام الصادق ع . كان داود يعتلي منبر الإمام الصادق ويقدم خطب الإمام في تلك الليالي المباركة فكان محط إعجاب الإمام الذي رأى فيه الشاب الطموح الخلوق صاحب الإرادة والمزايا التي تندر عند نظيره. داود لم يفارق الإمام الصدر فكان رفيقه الدائم في البيت والمسجد، يصلي خلفه مع كثرة من أهالي بلدته وقلة من باقي القرى وذلك في بداية إنطلاقة الإمام الصدر. سوية ينتقلون في قرى الجنوب. من جبال البطم إلى ورشكنانية إلى ياطر وإلى غيرها. يلبون دعوات الافراح والأحزان ودعوات الإفطار. وفي إحدى الدعوات يقف الإمام الصدر وإلى جانبه داود داود ليخاطب صاحب الدعوة : ألا يوجد أحد في البلدة لتدعوه ليتناول معنا الطعام. أنت أعددت كل هذا الطعام للسيد موسى الصدر إنني لا آكل كثيرا وسأكتفي بكوب لبن. كان عليك أن تدعو جيرانك وأصحابك، السيد يأتي ليقابل الناس ويجلس معهم لا يأتي فقط لتناول الطعام. داود لم يترك سماحة الإمام حتى في وقت متأخر من الليل يبقيان سوية وخاصة في شهر رمضان.
ينتقل داوود مع الإمام في القرى ليتعلم منه الكثير. داود يسأل الإمام وهم متوجهون إلى بلدة العيشية : يقولون عنك أن المخابرات الاميركية زرعتك في لبنان لتحارب التيار اليساري فيرد سماحة الإمام سأعطيك الجواب في العيشية. وفي مدخل البلدة تجمع أهل القرية من رجال ونساء لاستقبال الإمام عندها قال السيد يا داود هل المخابرات الاميركية دفعت الناس لاستقبالي. الناس تحب السيد موسى ليس لماله أو سلطته بل لان السيد أحبهم فأحبوه. داود لم يتوك الإمام ولم يضعف أمام تيار المغريات بل ظل إلى جانبا.
عندما حصل على الشهادة الثانوية فتحت الابواب ليحصل على وظيفة في الأونروا ولكنه بقي جمعية التعليم الديني ينتقل في القرى اللبنانية مدرسا لمادة الدين التي فرضها سماحة الإمام في المدارس الرسمية. وبعدها أصبح مفتشا للتعليم الديني من قبل جمعية التعليم الديني رغم أن الراتب يغري في الاونروا وأتوا لإقناعه أكثر من مرة ليدرس مادة الرياضيات ولكنه بقي مع السيد موسى الصدر. داود الشاب الطموح لا يريد أن يقف عند شهادة ثانوية بل يريد الحصول على شهادة جامعية. بعد مضي سنوات في التعليم الديني نقل داود رغبته لسماحة السيد في متابعة الدراسات الجامعية. بارك السيد هذه الخطوة. ولكن أين ستكون الدراسة؟ في الجامعة الاميركية في أنقرة حيث تدبر أمر تقديم طلب الإنتساب صديق عمره المهندس محمد سالم وكان السفر إلى تركيا. وليلة السفر جاء الاصحاب لتوديعه فغص البيت بالمودعين ووقف والده ليشكر الاصحاب ويقول لهم داود ملككم فحافظوا عليه سيعطيكم ما حرمتم منه ويكون ولدكم المطيع الذي سيفديكم بروحه عند الضرورة. كلمات رددها الوالد ونزلت دمعته على خده من عين لم تر النور منذ زمن طويل. والده الذي كان ثاقب البصيرة يخبر الناس في طفولة داود سيكون لداود شأن عظيم ولكنه سيرحل مبكرا عن هذه الدنيا وهو في عزه هكذا يقول الحاج عبد فقيه نقلا عن لسان والد الشهيد داود.
ذهب داود إلى تركيا ليقضي خمس سنوات ويأتي إلى لبنان في كل عطلة ليتزود من سماحة السيد الصدر ويأخذ التوجيهات. داود أصبح رئيسا لاتحاد الطلبة العرب فوجهت له الدعوات لزيارة البلاد العربية فكان محط أنظار الدول الباحثة عن ركائز في لبنان في عز الهجمة على لبنان ولكن داود لم يلب وبقي مع الإمام الصدر. وكان يقابل الإمام قبل أن يصل إلى البيت عند مجيئه إلى لبنان. حصل على الشهادة الجامعية وانتصبت المغريات أماما من جديد. أصدقاؤه في الخليج يطلبون منه أن يأتي إليهم. فالاموال تتدفق مع براميل النفط. الأنظمة العربية قدمت عروضها. التنظيمات الفلسطينية فتحت ذراعيها. وسماحة الإمام محاصر في بيروت فهو الذي أسقط النبعة وكان سببا لإسقاط تل الزعتر هكذا يدعون. وداود في الجنوب تخرج من الجامعة لتنفتح أمامه الطريق فأقفل هو كل الطرق أمام المغريات وأبقى طريق الإمام سالكة ولكنهم أقفلوا كل الطرق إلى السيد فشنوا حربا إعلامية لئيمة وحاصروه. داود يذهب إلى بيروت لمقابلة الإمام ويعود إلى الجنوب من دون جدوى فكل الطرق أقفلت على السيد وتستمر المحاولات بدون جدوى وترتفع أكثر وتيرة المغريات وداود بقي صامدا ليمتد به الأمر لشهرين. وأخيرا وصل داود إلى السيد. ماذا تريدني أن أعمل؟ جئت إليك بعد أن تخرجت من الجامعة. الكل حاصروا السيد وداود يخاطبه ماذا تريدني أن أعمل. الحملة الإعلامية شرسة والسيد في قفص الإتهام وأصوات أبواقهم مسموعة والجو قد تسمم. والسيد ليس لديه وسيلة إعلامية واحدة ليقنع مؤيديه ومناصريه على أقل تقدير. إذا يجب أن يكون هناك وسيلة إعلامية لدينا وأنت داود مسؤول لهذه النشرة.
داود الذي تخرج بشهادة فيزياء نووية يصدر نشرة لتقف سدا في وجه الإعلام المسموم. وبدأت المسيرة من جديد. وما رفضه داود في الأنروا سابقا قبله لاحقا نزولا عند رغبة السيد في أن يكون لداود معاشا ثابتا من خلال وظيفة الانروا.
ويخوض الشهيد داود حياة الجهاد والنضال إلى جانب الإمام القائد السيد موسى لصدر. ويواكب حركة أمل منذ انطلاقتها فكان مديرا لمؤسسة جبل عامل المهنية وعضوا في جمعية البر والإحسان.
تقلد العديد من المسؤوليات الحركية من المكتب الثقافي لإقليم الجنوب إلى المسؤولية التربوية المركزية ثم المسؤولية السياسية لإقليم الجنوب وحتى يوم استشهاده رئيسا للهيئة التنفيذية و كان له الدور البارز والقيادي في عمل المقاومة فقد طارده العدو وعاش مع المقاومين في المغاور والاودية والاحراج.
إستشهد في بيروت طريق الاوزاعي إغتيالا مع أخوته الشهيد محمود فقيه وحسن سبيتي يوم 22 أيلول 1988 م حوالي الساعة الواحدة ظهرا