حيدر الكرار حركي مميز
الاعلام : عدد المساهمات : 826 نقاط : 1476 تاريخ التسجيل : 03/01/2011
| موضوع: حاجتنا الى الدين.. حاجة إجتماعية الثلاثاء يناير 25, 2011 1:37 am | |
| حاجتنا الى الدين.. حاجة إجتماعية
"الر, كتاب أنزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد". [إبراهيم/1] "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير, قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهدي الى صراط مستقيم". [المائدة/15-16] "قال يا قوم ان كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ان اريد الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب". [هود/88] "وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فاوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها ذلكم خير لكم ان كنتم مؤمنين". [الأعراف/85] "لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤته أجراً عظيماً". [النساء/144] "التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين". [التوبة/112] "... وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ان الله شديد العقاب". [المائدة/2] "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تهتدون, ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". [ال عمران/103-104] "ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ان الله نعما يعظكم به ان الله كان سميعاً بصيراً". [النساء/58] القران الكريم يتضمن نصوصاً غنية بمفاهيمها, حية بروحها ومحتواها, تطفح بالمعاني والأفكار, وتمتلئ بالمفاهيم والقيم التنظيمية والتوجيهية... ولو حاولنا دمج هذه المفاهيم والأفكار, وربطنا بين الأهداف والغايات التي خطتها حروفها, وعبرت عنها نصوصها, لوجدنا أنها البيان الواضح للدعوة الى تنظيم المجتمع, وحمايته واصلاحه, واشادة خط الحياة ومنهجها بأفضل صيغة تشريعية وحضارية ممكنة. ونحن نستطيع أن ندرك ذلك بالقاء نظرة فاحصة على الفاظ الايات وفقرات النصوص فيها, لاستيعاب مداليلها وفهم محتوياتها..., فاذا ألقينا مثل هذه النظرة استطعنا أن نكتشف ما يلي: أولاً: ان القران الكريم يحمل للبشرية مشعل النور والهداية, ويضعها على طريق السلام والاستقامة, ويحفظها من التخبط والانحراف, بما يحمل لها من مبادئ وتشريعات وقيم لتنظيم المجتمع واشادة بنيته, واقامة كيانه على أساس الحق والعدل والنظام, قال تعالى: "... قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهدي الى صراط مستقيم". ثانياً: إن دعوة الدين هي دعوة الاصلاح ورفض الفساد, ومحاربة التخريب والهدم والدمار.. تلك الظواهر التي تحملها الجاهلية البشرية في مختلف العصور والأجيال كصفة مميزة لها, ودلالة تأريخية على حضارتها. قال تعالى: "فاتقو الله وأطيعون, ولا تطيعوا أمر المسرفين, الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون". [الشعراء/150-151-152] ان دعوة الدين هي دعوة الى عمل المعروف والاصلاح, والنهي عن المنكر والفساد والبغي والطغيان. قال تعالى: "ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون". [النحل/90] ثالثاً: الإسلام يفسر الظلم والانحراف والجريمة في الحياة بأنها من صنع الإنسان, وهو مسؤول عنها, وان هذه الظواهر الانحرافية ليست قدراً مفروضاً عليه, بل على العكس من ذلك فان الاسلام يلزمه برفض الظلم, والفساد, والانحراف, ويبعث فيه روح المقاومة, والوقوف بوجه الشر والضلال, وبذلك يرفض منطق الجبر والحتمية المؤدي الى الرضى بالظلم والخنوع... ولقد كان القران صريحاً مع الانسان في بيان هذه الحقيقة, ووضعه امامها وجهاً لوجه بقوله: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون". [الروم/41] "... وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" [العنكبوت/40] رابعاً: يسعى الإسلام الى اقامة مجتمع موحد متعاون تسوده روح الأخوة والمساواة. "... وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان...". [المائدة/2] خامساً: ان دعوة الدين هي دعوة الى اقامة دولة الحق والعدل, ومناداة باشادة قواعد الحكم على أساس ذلك, فالعدل أقدس رمز, وأسمى حقيقة يراها الاسلام في عالم الوجود, ويكفي في تقديسه والدعوة الى تحقيقه ان الله سبحانه وصف نفسه بالعدل, وتبرأ من الظلم, وأمر نبيه بالحكم بالقسط والعدل والالتزام بالحق والانصاف. قال تعالى: "فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل امنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم...".[الشورى/15] وقال تعالى حاكياً الخطاب الموجه الى داود عليه السلام: "يا داود انا جعلناك في الارض خليفة فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى...". [ص/26] وهكذا يحدد لنا القران الكريم أبرز أهداف الدين الاجتماعية, ويوضح حاجة الانسان اليه, ويبين أهم خطوات الإسلام في بناء المجتمع وتنظيمه وحمايته, ويرسمها لنا كالاتي: أولاً: التربية والإعداد الفردي: اتبع الإسلام منهج التربية والإعداد الفردي السليم ليكون الإنسان الفرد مهيأ للعيش وسط الجماعة, والالتزام بنظم الحياة وقيمها, قال تعالى: "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى". [الشمس/9-10] "يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون". [ال عمران/102] ثانياً: تنظيم المجتمع: الخطوة الثانية التي يخطوها الاسلام في هذا المجال, هي الانتقال من تربية الفرد الى تنظيم المجتمع والالتزام بحرمة القانون, والتقيد به لحفظ الحياة الاجتماعية, وحماية الشريعة, قال تعالى: "... وتلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون". [البقرة/229] "ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين". [النساء/14] ثالثاً: بناء الدولة: أما الخطوة الثالثة فهي بناء الدولة, واقرار العدل, كمبدأ مقدس في الحياة, فعلى أساسه يقوم منهج الحكم وبه تحفظ الحقوق, وتؤدى الواجبات ويحمى النظام. رابعاً: المحافظة على سلامة البناء الاجتماعي: والمرحلة الأخيرة في اكمال بناء المجتمع هي الالتزام بالاصلاح والنهي عن الفساد وتخريب المجتمع بعد بنائه وتنظيمه واصلاحه, قال تعالى: "إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت". "ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها". فعندما يدب مرض الانحراف والانحلال في جسم المجتمع, وتظهر بوادر الظلم والفساد والتخريب, يوجب الإسلام على كل فرد في المجتمع القيام بواجب الاصلاح الفردي والاجتماعي, ومقاومة الفساد, واقتلاع جذور الشر والعدوان, للحفاظ على سير المجتمع وفق خط الاستقامة, والاندماج مع مسيرة الحق والعدل. قال تعالى: "ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". [ال عمران/104] وبذلك أصبح بناء المجتمع والحفاظ على خيره وسلامته أمراً ممكن التحقيق بالنسبة للدين وحده, لذلك فانه لا غنى للمجتمع عن رسالة الدين, ومبادئ الإيمان,... وتؤكد هذه الحقيقة الحضارية المشهودة تجربة الإنسان الاجتماعية ومعاناته من المبادئ والنظم والنظريات المنحرفة عن منهج الدين ورسالته. | |
|