إن المقاومة اللبنانية ناديت بها منذ عشر سنوات، وأعلنت عنها منذ سنة وسبعة أشهر في يوم عاشوراء... يوم الفداء العظيم، وطلبت من سكان الجنوب أن يتسلحوا ويتدربوا وبعدها بأربعين يومًا ناشدت أهالي بعلبك أن يفعلوا أيضًا وأن يقفوا إلى جانب أهل الجنوب يساعدوهم في هذا وذاك. ولما امتنع المسؤولون عن سماع الشكوى رغم كل النداءات والتوجهات والضغوط وتركوا الجنوب سائبًا وابن الجنوب راعشًا أمام الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمتزايدة ورأيت فعلًا أن المواطن الجنوبي مهدد بالموت أو النزوح أو المهانة التي لا تقل ذلاً عن الخيانة، شجعت شبانًا مؤمنين بالله وبالوطن على التدريب، وكان ذلك بعلم السلطات وكبار رجال القوى المسلحة في لبنان بوسائلهم الخاصة.
ولم يكن من غرضي الإعلان عن هذه المقاومة اللبنانية، سوى المواقف العملية على غرار ما حصل في الطيبة وكفركلا، إلا أن الفاجعة وقد كشفت نفسها فرضت عليّ الإعلان.
أما بعد، فماذا يضير بعضهم أن يكون للبنان فدائيوه أيضًا ممن يموتون في سبيل الدفاع عنه؟ أليس الدفاع عن شتلة التبغ في تلال عاملة، هو الدفاع عن الدالية والتفاحة في أعالي المتن والشوف وحول سيدة لبنان في جونيه؟
ومع أنني لا أحب التحدي ولا هو من طبعي... فإنني أطرح سؤال التحدي بصيغة اخبارية تحمل التأكيدات التالية:
ا ـ لم يُرَ واحد من هؤلاء الشبان المؤمنين في أية معركة داخلية، انهم فدائيو حدود الأرض اللبنانية المقدسة فقط.
ب ـ لم يُغْلَقْ باب هذه المقاومة اللبنانية عن أحد من المسيحيين الشرفاء بل اعتبرهم، إن دخلوا، سيكونون كغيرهم صلابة في الدفاع عن أرض الوطن إن لم يكونوا أشد... وليجربوا... (كل الطوائف تشرف تسجل أسماء شبابها للدفاع عن الجنوب).
ج ـ لن أستنكف لحظة عن إلحاقهم برمتهم في أفواج المؤسسة الكبرى الرسمية عندما تتأسس وتتحمل هذه المسؤوليات.
د ـ وليس أدل على حقيقة مرامي وأهداف هؤلاء الشباب من الموقف الإنساني والعاطفي الذي وقفه الشباب في زحلة وضواحيها حيالهم يوم الكارثة فقد سارعوا أفواجًا ووقفوا في صفوف طويلة ليقدموا لهم من دمائهم، وما كان هذا ليحدث لو لم يكونوا عارفين بأن دماءهم لن تسيل إلا في سبيل لبنان. ألا فليتعظ بذلك ملفقو الأخبار وسماسرة السياسات الرخيصة والساعون إلى قلب القيم رأسًا على عقب.