كلمة الرئيس برّي امام المؤتمر السابع عشر للاتحاد البرلماني العربي

دعا رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، في كلمة امام المؤتمر السابع عشر للاتحاد البرلماني العربي الذي افتتح اعماله صباح اليوم في الدوحة، العرب الى الاستفادة من الوقائع الجارية في اكثر من قطر عربي والاستثمار على الديموقراطية بدل الاستثمار على اسلحة لا تستخدم على حدود اوطاننا بل على حدود مجتمعاتنا، لافتا الى اننا رأينا في الاسابيع والايام الماضية استعدادات اكثر على حدود المجتمع وأقل على حدود الوطن ضد اسرائيل، رأينا الحقد في الداخل والحب على الحدود. واعرب عن أمله في ان يستمر اللبنانيون في الاحتكام الى الحوار والوفاق، داعيا الاتحاد البرلماني العربي الى دعم الحكومة اللبنانية الجديدة للقيام بمهامها في ما يمكنها من اخراج لبنان من ازمته السياسية والاقتصادية.
وقال الرئيس بري: شكرا لقطر، اشكر لدولة الرئيس جاسم الخرافي الذي اشعرني انني فعلا في الاتحاد البرلماني العربي نظرا للظروف التي يعيشها الشعب العربي في اكثر من مكان. دولة الاخ الرئيس محمد مبارك آل خليفة المحترم رئيس المؤتمر السابع عشر للاتحاد، رئيس مجلس الشورى في دولة قطر، اصحاب الدولة والمعالي والسعادة رؤساء البرلمانات والوفود المشاركة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أضاف:يطيب لي في دوحة الخير، ان لا اقتصر الشكر على حسن الوفادة والاستقبال والتنظيم والضيافة، وانما لتوجيه التحية الى امير البلاد صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على رعايته واهتمامه الخاص، وكافة المسؤولين في دولة قطر، بلبنان والمساهمة في صنع وبناء استقراره وازالة آثار الحروب الاسرائيلية من على ارضه، وهو الامر الذي يجعلنا نرى في قطر أملا يضيء القلب بأن لبنان يستمر ليس كضرورة لبنانية فحسب، وانما كضرورة عربية واسلامية ودولية، فشكرا لأمير قطر الناهض فجرا من اعماق العتمة الضاغطة على العرب، وشكرا لوقوفه فارسا عربيا في وقت ترجل الآخرون، وهم يغادرون قافلة الغد، وشكرا لبقاء محبته الطيبة في قلوبنا الطيبة وشكرا ليديه اللتين تأخذنا مسافات في غسق الليل الى الصبح المشتهى، وشكرا قطر.

وتابع:إنني احمل اليكم لبنان الذي انتصر على الفتنة، وانتصر لديموقراطيته والتزم العملية الدستورية في إطار ترتيب بيته الداخلي، واحتواء التوترات فيه، آملين ان يستمر اللبنانيون في الاحتكام الى الحوار والوفاق بين جميع الفرقاء وصولا الى الدخول في مرحلة الدولة التي ترسخ سلمه الاهلي وتؤكد استقراره وتسلك طريق الدوحة نحو اتفاق الطائف بكل مضامينه، وتحديدا ما يؤسس للنهوض الاقتصادي ارتكازا الى مضمون عقده الاجتماعي في زيادة الاهتمامات والضمانات القانونية والاجتماعية للمواطنين. انني احمل هدية يقدمها لبنان الى النظام العربي والاسلامي والمتوسطي هي استقراره والحفاظ على صيغة التعايش الفريد بين ابنائه واسقاطه كل محاولة لتقطيعه، او جعله هامشا للتسوية المخططة للمنطقة.

ودعا الرئيس بري، المؤتمر،بداية، الى تأكيد دعمه لاستقرار لبنان ووحدته وسلامه الاهلي وصيغة التعايش هذه بين ابنائه، كما أدعو المؤتمر الى دعم قيام الحكومة في لبنان بمهامها مما يمكنها من إخراجه من ازمته السياسية والاقتصادية.

وقال: ومن لبنان توا الى فلسطين قضية العرب المركزية، فإننا نعود للتأكيد بأن القدس وفلسطين هي المفتاح المركزي لصورة الحركة في المنطقة، إذا انها تمثل ميدان المواجهة لمشروع تهويد الكيان وتهويد القدس بما يمثل ذلك من معان وأبعاد. إن استراتيجية اسرائيل ترتكز على الاستثمار على الوقت، وعلى تفكك النظام العربي، وعلى المشكلات القطرية التي تعصف ببلداننا، كما تستثمر بصيغة خاصة على الارهاب الذي يضرب على اوتار الفتن الطائفية والمذهبية، كذلك على تأجيج نار الاختلافات العرقية الكامنة وعلى زيادة الفرقة بين كل من شمال وجنوب. إن اسرائيل تكسب الوقت وسط هذه الاشتعالات من اجل خرق القدس بالاطواق الاستيطانية واستكمال هدم شرقها منزلا منزلا، بيتا وبيتا، جدارا جدارا، ومن اجل تشريع جعلها عاصمة ابدية للشعب اليهودي، وجعل تقسيم القدس بالقانون الدولي واعادة الجولان السوري في اطار اتفاق سلام عملية شبه مستحيلة لاخضاعهما لقانون استفتاء عام يصدر عن الكنيست.

وطالب المؤتمر بإصدار قرار له قوة القانون الدستوري في كل قطر عربي يعتبر ان الاحتلال الاسرئيلي وكل اجراءاته القانونية وتشريعاته بخصوص القدس والجولان وكل الاراضي العربية المحتلة مرفوضة وباطلة بطلانا مطلقا. كما، أطالب مؤتمرنا بقرار مماثل له قوة الدساتير في بلادنا يؤكد على الاقل اعترافنا بدولة فلسطين وعاصمتها القدس، ويؤكد على حق العودة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، اميركا اللاتينية ايها السادة ايها الاخوة، اميركا اللاتينية سبقتنا هل نقتدي بها على الاقل؟

وقال: اننا نطلب ايضا من اشقائنا الفلسطينيين للمرة الالف، بالترافق مع ذلك، انجاز المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، لا تأملوا في أن يوحدكم العرب، لأن العرب بحاجة لتوحيد، لأن وحدة الموقف الفلسطيني هي السلاح الامضى بأيدي الفلسطيني وهي خندق ممانعتهم ومقاومتهم الاول.

وتابع: من المؤتمر الاستثنائي لاتحاد مجالس الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي الذي انعقد في ابو ظبي، احمل الى قطر أيضا مسألة مسيحيي الشرق، ليس لان النظام العربي في أي قطر، لا سمح الله، يقصر في الحماية أو الحقوق، وإنما لخصوصية هذا الاستهداف وأبعاده من جهة، ومن جهة ثانية بسبب سعيه لضرب التنوع الديني والعيش المشترك مع الشريك الاساس وهو المسيحي في حياتنا وتاريخنا ووجودنا

وقال:اننا إذ نحيي الجهود الرسمية العربية لكشف مخططي ومنفذي العمليات الارهابية الاجرامية التي استهدفت كنيسة سيدة النجاة في بغداد، وكنيسة القديسين في الاسكندرية، وكذلك القاء القبض على عدد من المجرمين المفخخين في مصر، فإننا نرى أن هاتين الجريمتين الارهابيتين وامتدادتهما من نيجيريا الى القوقاز هي جرائم طبق الاصل، وتحمل نفس البصمات الارهابية وتستدعي الانتباه والتنسيق.

أضاف:كما إننا إذ نعبر عن شكرنا لاهتمام البرلمان الاوروبي بمسألة مسيحيي الشرق واجتماع "ستراسبورغ" في يوم 18 يناير/كانون الثاني فإننا نوجه عناية النواب الاوروبيين الى ان الارهاب يضرب في كل الاتجاهات ويوقع الضحايا في كل الاطياف، وان استهداف المسيحيين خصوصا لا يعني انعدام التسامح في مجتمعاتنا، او تراجع النظام العربي عن حماية مواطنيه من أي طائفة أو فئة، إن نظامنا ومجتمعاتنا اذ تفخر بالتنوع الطائفي، فإننا وحرصا على هذا التنوع نطالب المؤتمر ومجالس الاتحاد برفض التعبيرات التي تحاول ان تؤشر الى اضطهاد المسيحيين في الشرق، والتشديد على احترام حرية التعبير، وبصفة خاصة رفض الاستثمار على هذه الوقائع من اجل تعزيز الدعوات الى الحماية، لو أمنتم في اوروبا الحماية لأقلية عندكم لما دفعنا الثمن في فلسطين، كما نرفض الدعوات لبلورة استراتيجية غربية تتضمن إجراءات ضد ما وصف بالدول التي تمتنع عن تأمين الحماية للجماعات الدينية، لأن مثل هذه الدعوة لا تستند لأي مسوغ واقعي أو قانوني، وليس هناك أي نظام عربي يهمل الحماية أو يقيد حرية المعتقد...

وسأل:هل الوضع مستقر في منطقتنا؟ هل الوضع كما كنا في اجتماعنا السابق في لبنان في مصر في السودان في اليمن في تونس في الجزائر في في... من هنا من دوحة الخير من هذا المؤتمر أدعو اتحادنا إلى أخذ دوره في بناء وتعزيز صيغ التنسيق العربي ووضع خطة عملية للمساهمة في بناء الثقة بين الشعوب العربية والحكام، وإطلاق مختلف صيغ العمل العربي المشترك...

وقال:ومن الدوحة التي خلقها الله نجمة طافية صاعدة كنخلة الماء في الخليج مسكونة بكل هذا الحب... من هنا أدعو كل العالم العربي إلى الاستفادة من الوقائع الجارية في أكثر من قطر عربي، وبالاستثمار على الديموقراطية بدل الاستثمار على أسلحة لا تستخدم على حدود أوطاننا بل تستخدم على حدود مجتمعاتنا... رأينا في الاسابيع الماضية وفي الأيام الماضية استعدادات اكثر على حدود المجتمع، واقل على حدود الوطن ضد إسرائيل، رأينا الحقد في الداخل والحب على الحدود، رأينا الانتقام بيننا والغرام مع أعدائنا، أرحماء فيما بينكم واشداء على الأعداء؟...

وتابع:وفي هذا الإطار، أعود بكم ايها الزملاء، ثلاثين عاما إلى الوراء، يوم انعقدت ندوة برلمانية في أعقاب المؤتمر الثاني للاتحاد في الجزائر في شهر آذار/ مارس 1983، أعود إلى ما قبل ثلاثة عقود لأذكركم أن هذا الاتحاد كان أكثر شجاعة وجرأة على فتح نقاش حول مفهوم الشورى والديموقراطية، وحول الديموقراطية السياسية والديموقراطية الاجتماعية، وقال:اننا لا نريد الآن في إطار الاتحاد الاجتماع من أجل الاجتماع. هذه الاجتماعات من أجل الاجتماعات لا تزعلوا مني ولا تغضبوا علي، أنني أصارحكم كما أصارح نفسي هذه الاجتماعات من أجل الاجتماعات وتبادل كلمات ومجاملات، ان مجالسنا أيها الأخوة هي مؤسسات الرأي العام المنتخبة او المختارة الأكثر تمثيلا في عالمنا العربي، وهي بهذه الصيغة وبصفة ادوارها الدستورية وبصيغتها مطالبة أن تكون الأشد اتباعا إلى الوقائع المتصلة لتحديث القوانين وصنع السياسات العامة وأيضا محاسبة الحكومات.

وأكد انه آن لاتحادنا ان يصدر قرارات لها صفة القوانين المشتركة التي تلزم السلطات التنفيذية في اقطارنا الالتزام والتقيد بها وفي الطليعة القوانين التي تتعلق بتعزيز حقوق الإنسان وحماية حرية الرأي والمعتقد، مشيرا الى اننا في المجلس النيابي اللبناني ونحن على أبواب إنجاز الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، نعرب عن استعدادنا لوضع مراحل لمضمون هذه الخطة بتصرف كل البرلمانات وبتصرف اللجنة التنفيذية لاتحاد البرلمان العربي لتعريفها وجعل الالتزام بهذه الحقوق نهج حياة.

واردف:ان نظامنا العربي الذي واصل دفن رأسه بالرمل والتراب احتاج إلى هزات وهزات ارتدادية دستورية كالتي نعيشها هنا وهناك من أجل الإنتباه، الى ان المطلوب هو رفع شعار ازدهار الانسان لا ازدهار النظام. ان المطلوب من اتحاداتنا وبرلماتنا أخذ نظامنا العربي بيده لاتخاذ قرارات لجعل الساحة العربية ساحة دائمة لحرية التعبير وليست معتقلا سياسيا كبيرا، بل وتحويل المعتقلات السياسية إلى مدارس للتربية على الديموقراطية لتعويض خسارة الوقت في السباق من أجل الديموقراطية الغائبة، لولا (الجزيرة) مع حفظ ما قاله زميلنا دولة الرئيس، لولا الجزيرة وليس مجالسنا لما سمعنا أنين المحرومين في أوطانهم ومن أوطانهم، أنا لا أجامل أحد لا في قطر ولا في غيرها، ولما سمعنا أنين الأيامى ولا أنين اليتامى والمقهورين والمظلومين ولا صلاة الاتقياء ولا صوت المؤذن ولا قرع الجرس.

وأكد انه لو لم تكن الحرية شرسة لأكلها الخوف، وقال: المطلوب أن ندعم تعزيز قيام مؤسسات الرأي العام الإعلامية والثقافية خارج السلطة، وتمكينها من المساهمة في بناء وعي حول حقوق الإنسان والاعتراف بالآخر والمشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل ما يصنع حياة مجتمعنا ودولنا.

أضاف:لقد قلت على مختلف المنابر ومؤتمرات الاتحاد، وفي مختلف العواصم العربية، وذات يوم في الشقيقة المغرب العربي، قلت أنني أبحث بيننا عن برلمانات فلا أجد إلا حكومات، على سلطة القرار العربي الإنتباه إلى أن دور الأمن قد اختلف وأن الزمن تغير، وأن الأمن لم يعد احتكارا للقوة بيد السلطة وأن اعتراف الشعب بالنظام وانتخابه هو مصدر قوته، وأن القمع سوف يودي إلى الرفض والرفض إلى الاعتراض والاعتراض إلى الثورة، مع احترامي مرة اخرى للزميل سليم العنون.

وقال:وقبل أن أختم لن انسى أجدد الشكر مجددا للجزيرة التي جعلتني أعيش مجددا ربيعا عربيا في أكثر من بلد عربي لن أنساه كما لا انسى ربيع براغ...

وختم بالقول:ختاما يسرني باسم مجلس النواب اللبناني أن أعلن أننا واعتبارا من أول من حزيران / يونيو، سنكون جاهزين لإطلاق معهد التدريب البرلماني الذي سبق وأقره مجلس الاتحاد واللجنة التنفيذية، ونحن نطلب الى رئاسة الاتحاد تكليف الأمين عام الاتحاد الحالي والذي هو موقع ثقتنا مع المختصين في الادارة البرلمانية اللبنانية لوضع برامج التدريب اللازمة، ولا انسى التذكير بأننا ولدنا جنينا مشوها باسم البرلمان العربي يراقب البيانات ولا يقدم أو يؤخر في أمورنا شيئا وقد سبق للبرلمان اللبناني أن قاطع هذا البرلمان، فإننا ندعو الاتحاد البرلماني العربي لتكليف لجنة لإعادة النظر في دور ومهمة هذا البرلمان ومشروعه التنظيمي.

وكان المؤتمر بدأ اعماله بجلسة افتتاح تحدث فيها كل من: رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، ورئيس مجلس الشورى القطري محمد بن مبارك الخليفي الذي تسلم رئاسة الاتحاد في جلسة العمل الدولي.

ثم تتابع رؤساء المجالس والوفود البرلمانية العربية في القاء كلماتهم، حيث لم يغب عن بعضها التطورات والتحركات الشعبية الجارية في عدد من الدول العربية.

وكان الرئيس بري التقى على هامش اعمال المؤتمر، اليوم، رئيس مجلس النواب الاردني فيصل الفايز، ورئيس مجلس الامة الكويتي جاسم الخرافي، ونائب رئيس مجلس النواب العراقي قصي سهيل.
========

حلو ممتاز شكرا
ماجورة اختي الكريمة

» أسرار في حياة الرئيس نبيه برّي
» كلمة الرئيس بري
» أبرز إنجازات دولة الرئيس الاستاذ نبيه برّي
» كلمة الرئيس نبيه بري بمناسبة ذكرى عاشوراء الحسين
» الرئيس بري: الاصلاح يجب ان يكون وطنيا والا فالمستقبل العربي سيتوه في الفوضى البناءة