قد ترتكب الذاكرة إثم النسيان عندما نلقي عليها كل تفصيل، لكن المعروف عنها أنها ذاكرة لا تخون عندما تصاب بالوجع.. وها هي تبادلنا الوفاء، فتفتح ذراعيها لقراءة كفها بنفسها، فكيف إذا جاءها حبر معين على فك حروفها.
وفي الذاكرة، حروف لا تُمحى وقفت مع صديقها في ضيقه، وتراها في الأسبوع الأول لحرب تموز المحفورة أيامها، لا بل ساعاتها، في ذاكرتنا، تعيش مع حليفها بأيادٍ لا تحصى.. قلوب لا تعد.. لكن بجبين واحد.
موجعةٌ تلك الأيام والساعات.. وأحلى أوجاعها اختبارٌ هو الأقسى من نوعه لعلاقة بين سماحة سيد ودولة رئيس تترجمها الوقائع وتبادل الرسائل، وفي إحداها «قرارنا يا أخ نبيه أن نكمل معاً»... وردّ النبيه على السيد «نحنا مع بعض.. ومش رح يفرقنا شي».
كانت قرى الجنوب قد بدأت تلبس أسودها، وفيما صغارها يعبرون الجسر من الأرض إلى السماء، كان كبار الساسة والرسل والموفدون ينزلون علينا بالوحي، تارة لمصلحة طاغية وطوراً لمصلحة لص أو جبان.
وكلنا كان يعتب على هذا العالم القاسي الذي يجتمع ولا يضبط أي مجزرة.. لا يتأثر برضيع قضى متمسكاً «بلهوته» ولا تشغله إلا مصلحة إسرائيل وضمان أمنها، والمشهد الأصعب أن ترى شريكاً في الوطن وقد استقوى بهذا العالم عليك.
أسست تلك اللحظات لحصانة الموقف، وبدأنا معركة من نوع آخر تطيب فنونها لرئيس يستهوي اختراق مناورات السفراء والرسل وإحباط فنونهم السياسية.
احترق تبغ الجنوب ولفظت الضاحية شهقتها الأولى دماراً.. والغرباء مع ذوي القربى جاؤوا على شكل سمفونية واحدة.. رائعة التنسيق والاصطفاف..
ومن دوالي تموز، نقطف في اليوم الخامس توقيع عقد الشراكة بالأحرف الأولى والأخيرة بين الحلفاء، مع منح الثقة السياسية للرئيس نبيه بري في إدارة المعركة السياسية، ثقة من دون برلمان ولا هيئة تشريع، لأن أصواتها سترتفع بالمبايعة مع شروق شمس الحلقة الثالثة.
في اليوم الخامس للعدوان (16 تموز 2006)، لم يظهر أن هناك وساطات حقيقية أو إرادة دولية لوقف القصف، وكل ما حصل هو وصول وفود دولية لا تحمل مشاريع حلول، بل إنذارات صريحة بأن هناك اتجاهاً لتغيير قواعد اللعبة، مستندين إلى شعور بفائض من الدم المهدور إسرائيلياً، ظناً أنه يبدل موازين القوى بما يسمح بفرض شروط تسمح بخلق واقع سياسي جديد.
ولاقت الوفود التي وصلت إلى لبنان، قرارات مجموعة دول الثماني التي اجتمعت في سان بطرسبورغ، وتبنت الموقف الإسرائيلي بالكامل لجهة ربط وقف إطلاق النار بإطلاق الجنديين الإسرائيليين، وصولاً إلى نزع سلاح «حزب الله»، والطلب من مجلس الأمن إرسال بعثة للمراقبة والأمن إلى الجنوب، في ظل غياب عربي تام وتخلٍّ بلغ حد التواطؤ.
سمحت هذه المواقف للحكومة الإسرائيلية بالإعلان عن تكثيف الهجمات والتهديد بالتصعيد أكثر، وكان ردّ المقاومة واسعاً أيضاً بحجم التصعيد، حيث استهدفت الصواريخ مدن جنوب حيفا وسقطت على مقربة من الناصرة.
وبمزاج سيئ نزل الرئيس نبيه بري إلى مكتبه، متأثراً ومنفعلاً للغاية من تفاصيل جريمة مروحين والتدمير الممنهج للضاحية الجنوبية. التقى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون الذي أتى بهدف التحضير لزيارة وفد الأمين العام بعد الظهر. بادره الرئيس بري بهجوم على دور الأمم المتحدة في تغطية الجرائم، مشيراً إلى رفض قوات الطوارئ الدولية استقبال الأهالي الذين لجأوا إليها بعدما أنذرتهم إسرائيل بحجة أن لا يحصل معها ما حصل في قانا عام 1996 بما سمح لإسرائيل بقصف سيارة «فان» تحمل 23 شخصاً بينهم أطفال ونساء سقط منهم 22 شهيداً.
لم يستطع بيدرسون الإجابة واكتفى بالقول إنهم ضد ضرب المدنيين، محولاً النقاش نحو ربط وقف إطلاق النار بإطلاق فوري للأسيرين الإسرائيليين.
رد الرئيس بري: الأمم المتحدة شريكة عن قصد أو غير قصد، والآن أهالي البلدة (مروحين) ما زالوا تائهين وإسرائيل لا تسمح لهم بالوصول إلى صور.
طلب بيدرسون من أحد مساعديه أن يجري بعض الاتصالات، عاد ليؤكد معلومات الرئيس بري من دون أن يحصل أي تطور إيجابي، وهو وضع بقي طوال فترة الحرب الإسرائيلية على لبنان.
بطرس حرب:
الوحدة في مواجهة الجريمة
لم يقطع الرئيس بري خيوط التواصل مع الشخصيات السياسية اللبنانية، وبقيت أبواب عين التينة مفتوحة على اللقاءات الداخلية، وبينها في ذلك اليوم مع النائب بطرس حرب الذي تحدث وقال: «لا يمكن إلا أن نكون موحدين في مواجهة هذا الاعتداء، ولإسرائيل أهداف أبعد من استعادة الأسيرين». وكان كلامه إيجابياً وله أهمية في تلك اللحظة.
عقد الرئيس بري بعدها مؤتمراً صحافياً هاجم فيه البرلمانات العربية وقال إنها بيد الحكام، وشرح ما حصل في مروحين والعقاب المفروض على الضاحية، لأنها تحضن الشعب المقاوم وأن قصفها بهذا الشكل هو انتقام لا علاقة له بالأسيرين، وأشار إلى أن اتهام المقاومة بأنها إيرانية أو سورية فيه تجنٍّ وتحامل لأن المقاومة هي للبنانيين الذين سبق وعلموا الناس المقاومة مع صداقة ودعم إيران وسوريا لهم.
وقال بري بوضوح: هذا اليوم هناك فرصة لوقف إطلاق نار فوري والبدء بتفويض إحدى الدول التي كانت تفاوض أو غيرها للبدء بمفاوضات التبادل، وإذا تم هذا خلال 24 ساعة أعتقد أننا نوفر المشاكل على الجميع، وإذا لم يحصل ذلك، فإنني أحذر أن المنطقة كلها في خطر.
أطلّ في مساء ذلك اليوم (16 تموز) السيد حسن نصرالله على تلفزيون «المنار» في رسالة قال فيها إن السلاح هو للردع وليس للانتقام ولهذا حصر القصف بالمواقع العسكرية حتى الآن وإنهم تعمّدوا تحييد المصانع الكيميائية في منطقة حيفا وهي في مرمى النار حتى لا تدفع الأمور إلى المجهول، لكن هذا لا يعني أننا سنبقى هكذا دائماً.
ووجّه «السيد» خطاباً مؤثراً إلى الشعوب العربية يضعها أمام مسؤولياتها التاريخية، وأكد أنه إذا استطاعت إسرائيل إلحاق الهزيمة بالمقاومة فإن العالم العربي سيغرق في ذل أبدي، وأشار إلى أننا ننتظر الهجوم البري إذا أرادوا وهو بشارة لنا.
حسين الخليل: سماحته يهديك السلام...
تلقيت اتصالاً من الحاج حسين الخليل وتواعدنا على اللقاء في أحد شوارع منطقة فردان القريبة، وعندما وصلت كان ينتظرني في مرأب إحدى البنايات وهو يعتمر قبعة، ركبنا سيارة واحدة وسرنا في شوارع بيروت، قال إن لديه رسالة من السيد حسن نصرالله إلى الرئيس بري، توجهنا إلى مكتب الرئيس عند الساعة الرابعة، سحب الحاج ورقة وقال للرئيس حرفياً:
«سماحة السيد يهديك السلام وهو يتابع حركتك بالكامل ويؤكد لك أن الظروف الميدانية للمعركة جيدة. استوعبنا ما حصل بالكامل. لقد اختلفت ظروف المعركة وظروفنا، لقد أصبحنا في مواجهة مفتوحة في الجوّ والقصف الصاروخي وربما في البر.
إن المعركة على مستويين عسكري وسياسي، عسكرياً أنا مطمئن، كل المؤشرات جيدة، إمكاناتنا الصاروخية واسعة جداً ومؤمنة ولا خوف حتى الآن، أنا من مكاني أتابع كل حركة الجبهة، كل العمليات، هنا أهمية شبكة الاتصالات، ما في صاروخ بيطلع إلا بقرار ووفق توقيت مدروس، سيأتي يوم نتحدث عن تفاصيل المعركة وإنجازات الشباب، الأوراق كثيرة بين أيدينا.
أضاف: «ما يؤلمني هو وضع الناس، لكن لديّ ثقة أنهم يتفهمون لأننا من شعب يعرف قيمة الكرامة والحرية.
يا أخ نبيه، كما تعاهدنا سابقاً قرارنا أن نكمل معاً، وأنا كما أرسلت لك منذ البداية لا نريدها أن تتوسع ولكن هم الذين قرروا وخيارنا المواجهة وأن نكمل للآخر.
على المستوى السياسي، مثل ما بيّن معك أن كل الجو الدولي يريد رأس المقاومة وتصفية الحسابات، داخلياً السنيورة ما شايف إلا استلام الأسرى وبدوا يلي بقي من 1559، كل الحكي معنا ومثل ما عم أعرف منك هو على هذا الأمر، نحن متفقين معك إنو نحافظ على الوضع الداخلي وما نعكس أي صورة انقسام، لكن شغل السياسة صار أصعب بكثير بهذه الحالة، بدنا ننتبه مرتين لأنه بدل أن تكون المفاوضة مع الخارج هي أولاً مع الداخل وثانياً مع الخارج وهذه مشكلة كبيرة، بكل الأحوال هذا قدرنا.
بصراحة يمكن الظروف لا تسمح لي بالمتابعة، أنا والإخوان عندنا ثقة كبيرة بدولتك وبقدرتك على إدارة الأمور، نحن اتفقنا إنو أمر المفاوضات وتفاصيلها بالكامل عندك، أنا شخصياً أملي وثقتي كبيرين، وبعرف أن هذه معركتك».
بري لنصرالله: صرت أكثر أطمئنانا
طلب الرئيس بري من الحاج حسين أن يدوّن الآتي:
«سلّم على سماحة السيد وقل له: أنا منذ اليوم الأول مش قاسم، بعرف إنو هذه معركة مصير، مش لنا بس، لكل البلد، هي معركتنا كلنا، البارحة كلامي كان واضحا لقيادة الجنوب ولكل الشباب، نحن بأساس المواجهة ومعنيين بالتصدي وأنا بقول بالمعركة البرية رح نكون بالأول، بتعرف ما عنا قواعد صواريخ لكن على الأرض الإخوان جاهزين والتعليمات إنتو والحزب واحد.
بعد اللي صار بهاليومين، أنا صرت مطمئن أكثر.
أما بالموضوع السياسي، أشكر السيد، قل له يطمئن، نحن مش بس مش قاسمين، نحن واحد، كأنه موجود أساساً من البداية معتبر حالي هيك وعم إحكي عنو لمن فيه ضرورة.
يا حاج هذه لحظة تاريخية، المعركة عم ترسم صورة البلد ويمكن المنطقة، ونحن مع بعض فيها مش رح يفرقنا شي، أنا وصلت لكل المواقع يلي يمكن يوصلها شيعي بهذا البلد، واشتغلت كثير حركة ومقاومة وسياسة، وكل يلي بدّي اليوم نحفظ حالنا وتاريخنا والبلد.
أنا معك. المعركة على جبهتين و«اتنينهم صعبين» وما في حلول وسط، لازم نربحهم وحدسي بيقول رح نربحهم، ولازم نبقى نعمل لنوحّد جبهة مفاوضاتنا بالداخل مع الآخرين رغم إني بعرف هذا صعب، لكن بدي أعملوا.
بالمختصر، نحنا سوا ورح نضل هيك وإن شاء الله سنلتقي بعد الحرب ونهنّي بعض، قل للسيد ما يهكل هم الجبهة السياسية.
أنا انطباعي أن الوضع العسكري وتصعيد الرد أحدث صدمة عند الإسرائيلي، بعتقد إذا بقينا هيك الإسرائيلي بيتراجع، يجب أن نترجم النتائج الإيجابية. حتى الآن عندي أكثر من لقاء وحتى لا نترك المبادرة عند الآخرين، بمن فيهم الرئيس السنيورة، يجب أن نهجم بإيجابية، أنا سأقترح اليوم وقف إطلاق نار فوري وبداية التفاوض بواسطة دولة غربية (ألمانيا عندكم تجربة معها) سأقدم هذا رسمياً باسمنا حتى لو رفضوا واعتبروا أن هذا طرح قديم من الحزب، معي يمكن يتعاطوا بطريقة مختلفة».
خرج الحاج حسين من عين التينة بعدما تحدثنا عن ظروف الإقامة الصعبة والتنقل، اتفقنا على آلية للقاء شبه يومي معه ستبقى حتى آخر أيام الحرب وهي التي وطدت العلاقة إلى حدها الأقصى.
سولانا: على الحزب أن يتراجع شمالاً
في الساعة 7:30 ليلا، وصل السيد خافيير سولانا مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وحضر معه سفيرا ألمانيا والاتحاد الأوروبي، كان مستطلعاً ولم يحمل أي مقترحات رسمية سوى وضوح موقفه الذي حرص على أنه شخصي ويعكس الأجواء الأوروبية من دون أن يحمله لإسرائيل، بأن المسألة تخطت عملية الأسر وأصبحت في حدود تنفيذ القرار 1559.
رحب الرئيس بري به وشجع على دور أوروبي وقدم الاقتراح الذي عرضه سابقاً من دون أن يحدد كيف تتم المفاوضات، وأردف: علماً أنني أستصعب أن يقبل الحزب بسهولة بعد المجازر التي تُرتكب وعملية تدمير الضاحية. «أما في ما يتعلق بالقرار 1559 فهذه مسؤوليتنا في الحوار الداخلي، نحن تطرقنا إلى معظم الأمور وسنتابعها، وفي الجلسات نفسها اتفقنا كلبنانيين على حقنا في المقاومة كتحرير الأسرى وما تبقى من أرضنا».
تجاهل سولانا العرض الإجمالي وقال: أنا أطرح أن يتراجع الحزب شمالاً كبداية للحل.
بري: لماذا لا تتراجع إسرائيل جنوباً وتنهي الحرب، أنا أكرر طرحي لأني لا أرى بديلاً ولا تضيعوا الوقت، الخسائر تزيد.
سولانا: أنا يهمني أمر لبنان كثيراً، أتحدث من موقع الصداقة، لكن تم خرق حدود إسرائيل وحصل دخول لأراضيها.
بري: هذا رأي، ولكن ألم تدخل إسرائيل إلى عمق لبنان، القصف اليوم يطال كل المنشآت المدنية والمواصلات، للأسف أنتم الأوروبيون عندما يصل الأمر إلى إسرائيل تغمضون عيناً، أما أميركا فتغمض عينيها الاثنتين. المطلوب يا صديقي، كما تقول أن يقف أحد ليقوم بما حصل لزين الدين زيدان في كأس العالم، أن يرفع الشارة الحمراء لإسرائيل ويقول لها كفى.. توقفي واخرجي.
عرفنا من الوفد أن سولانا شجع الرئيس السنيورة على مواقفه بأن تتولى الحكومة وهو شخصياً الحوار لحل الأزمة والانطلاق من إطلاق الأسيرين من دون شروط، وأن الرئيس السنيورة هو من طلب منه أن يعمل لإقناع الرئيس بري بهذا الطرح والذي لخّصه سولانا في النهاية بإطلاق الأسرى بالتزامن مع وقف إطلاق النار وبعدها مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والأمم المتحدة لإطلاق الأسرى اللبنانيين ودراسة إمكانية إطلاق أسرى فلسطينيين.
رد الرئيس بري: نحن بصدق نريد وقف إطلاق النار وفق ما قلته لك، وأنا مجدداً أقول أنا أتناقش مع الحزب، ولكن إذا لم يحصل هذا أرى أن الأمور ستتطور نحو الأسوأ وعندها خسائر الجميع ستزيد.
خرج سولانا من عين التينة، والرئيس بري غير مقتنع بأنه باستطاعة الموفد الأوروبي فعل شيء. كان واضحاً أنه يقوم بجولة علاقات عامة لا تخدم إلا الموقف الإسرائيلي وتقوي منطق الداخل الذي يفتش عن توظيف ما حصل في الحساب الداخلي (هنا وصل وليد جنبلاط راجع الكادر).
بري يعرض صيغة على لارسن.. ولكن
كان يوم عمل طويلاً من دون أي فترة راحة، ختم عند الرئيس بلقاء مع وفد الأمم المتحدة الذي وصل إلى بيروت وقوامه السيد فيجاي نامبيار ممثل الأمين العام ودي سوتو وتيري رود لارسن وغير بيدرسون.
بدأ الرئيس بري بعرض للمجازر التي ترتكبها إسرائيل وبأن كل القصف لم يؤثر على بنية المقاومة، مستخفاً بأثر ما تقوم به إسرائيل التي استنفدت بنك أهدافها قبل أن تحقق أدنى نتيجة مما تتوقع.
كان واضحاً أن المفاوض باسم الوفد هو لارسن الذي بادر إلى الرد قائلاً: «إسرائيل لن تتفاوض مع الحزب على الأسرى حتى ولو بشكل غير مباشر، موقفهم استحالة التفاوض معه، هم مستعدون للتفاوض مع الدولة، وأنا سأذهب إلى إسرائيل وما سأطرحه هو أن يسلّم الأسيران للحكومة اللبنانية، وبعدها وقف لإطلاق النار ثم التفاوض بين إسرائيل والحكومة على الأسرى اللبنانيين.
بري: وما الجديد في هذا الطرح؟
لارسن: ومن قال إن الإسرائيلي مستعدّ لأي جديد، هو يكمل بالحرب.
بري: بصراحة، أنا لا أقبل هذا الأمر لأنه لا يشكل قاعدة حل، إسرائيل خرّبت نصف لبنان ولم يعد هناك ما نخسره، أقول هذا قبل أن أطرح الأمر على الحزب، ولكن افتراضاً أنني أناقش اقتراحك من يضمن إفراج إسرائيل عن الأسرى، وإذا لم يحصل الإفراج هل تعيد الحكومة اللبنانية الأسرى إلى «حزب الله».
لم يجب أحد من أعضاء الوفد على هذا الكلام.
بري: في كل الأحوال، أريد أن أطرح أمراً وكأني أفكر بصوت عال، لم أناقشه مع أحد، ما رأيكم في إعلان وقف إطلاق النار لمدة شهر وتجري بعده المفاوضات بواسطة الأمم المتحدة حول الأسرى، وإذا لم نصل إلى نتيجة ليعمل كل طرف ما يريد.
(كان الرئيس بري يحاول أن يرمي أكثر من صيغة لإرباك الوفد وحتى لا يبقى تركيزه على نقطة واحدة هي ما طرحه الرئيس السنيورة منذ البداية..).
لارسن: إسرائيل لم تفاوض «حماس» ولن تفاوض «حزب الله».
بري: أنا سأتشاور مع الحزب ولكن دعنا نصغ ماذا تطرح؟
كرر لارسن طرحه نفسه.
بري: وهل وافقت على أنه إذا لم يحصل التبادل تتعهد الحكومة بإرجاع الأسيرين إلى الحزب؟
لارسن: لا.
بري: أنا في المقابل أحمّلك اقتراحاً مختصراً، وقف إطلاق نار يتزامن مع المفاوضات بواسطة الألماني أو غيره بمدة لا تتجاوز الشهر يتم خلالها التبادل، وإلا نعود إلى حالة الحرب.
خرج الوفد الدولي، أوعز الرئيس بري بأن أنقل أجواء اللقاء إلى الحاج حسين الخليل لينقلها إلى السيد حسن نصرالله من أجل التشاور والمتابعة.
في حلقة الاثنين المقبل:
بري ونصر الله: ألف حرب مع إسرائيل ولا رصاصة في الداخل.. وفيلتمان يطلق معادلة جديدة على الحرب!