قديماً كانت كل الطرق تؤدي الى روما وفي حرب تموز نقلت روما مقر أقامتها إلى واشنطن أو هكذا رصد الرئيس نبيه بري حركة الملاحة السياسية في مناخ رفعت فيه كوندليسا رايس من حرارة قرارها السيادي على اسرائيل.
هي روما التي اجتمع فيها العالم على نية اسرائيل... وعلى شاكلة برجها المائل، مالت الطروحات من دون أن تسقط.
عصف فكري خاضته الدول الغربية بوفودها وملائكتها اللبنانيين، قلوبهم على إسرائيل وقلبنا على وطن.
يطل «الناتو» من نقطة ثم تتسلل القوات المتعددة الجنسية من مسارب أخرى.. مفتاح الحل كان بالنسبة لهم تسليم الأسيرين، وستون الف عام على وقف إطلاق النار وعودة النازحين والمعتقلين اللبنانيين وخرائط الألغام..
مشينا في حقل ألغام.. اسرائيل تفاوض «الآنسة» باسمها.. ولبنان تحميه نباهة «الأستاذ».
لم يكن يفوت شاردة أو واردة. موفدون وسفراء وتدقيق بالموقف العربي والاسلامي. أخذ ورد مع السنيورة وخطوط مفتوحة مع كل القيادات المحلية. حيز خاص للتنسيق اليومي مع «حزب الله».. وإدارة المعركة الاعلامية، حيث لم يكن الرئيس بري يبخل بموعد صحافي ولكنه كان يختار من أين يطل وما هي الرسالة التي ينبغي أن تصل لمن يعنيهم الأمر.
كنا نجده سارحا من خلال النافذة الغربية لمكتبه، صوب البحر، بثيابه «السبور» والسبحة لا تغادر يده. قدمنا إليه تقريرا حول بعض الوقائع الميدانية... وكان جوابه أن جزمة كل مقاوم في مارون وبنت جبيل والخيام وعيتا الشعب تعيد صنع تاريخ جديد للعرب والمسلمين.
شكل وصول وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس إلى إسرائيل زخماً كبيراً لاستمرار حربها على لبنان، حيث كانت واضحة في حديثها عن دعم العمليات العسكرية، متوقفة فقط عند عدم إطاحة الحكومة اللبنانية، ومركّزة على تسوية ثابتة وطويلة تشكل أساس السلام مع إسرائيل، ومعلنة أن قلبها وفكرها مع الشعب الإسرائيلي الذي يعاني الإرهاب والصواريخ، متناسية المجازر الإسرائيلية على مساحة لبنان.
حاول الرئيس فؤاد السنيورة أن يصوغ موقفاً ينقله إلى مؤتمر روما الذي أصبح واضحاً أن له استهدافات سياسية، وأن رايس تريد جعله منصتها لتسويق خطتها التي اتفقت عليها مع الإسرائيليين.
كان الرئيس السنيورة مقتنعاً بفكرة رايس حول استدعاء قوة متعددة الجنسية لمهمات قتالية لكنه حرص على أن تكون بغطاء الأمم المتحدة ولو تحت الفصل السابع، الا ان اتصالاته بعد ظهر الاثنين مع الرئيس نبيه بري ومتابعته لمواقف الأطراف الداخليين أفضت إلى تكوين صورة رافضة لأي قوة دولية خارج قوات الطوارئ الدولية ووفق مهامها الحالية.
أوفد الرئيس السنيورة إلى عين التينة بعد ظهر الثلاثاء في 25/7/2006 مستشاره محمد شطح الذي كان عملياً وزير خارجية السنيورة وفريق 14 آذار والأكثر تشدداً في هذا الفريق لجهة توظيف الحرب القائمة سياسياً لخلق واقع داخلي جديد. وصل شطح إلى عين التينة - وكنت حاضراً - وكان يحمل تصوراً لكلمة الرئيس السنيورة في روما وفيها:
1- إعلان وقف كامل وفوري لإطلاق النار بالتزامن مع تسليم الأسيرين الإسرائيليين إلى السلطة اللبنانية والسماح للصليب الأحمر بزيارتهما.
2- الاتفاق على:
- العمل على إطلاق الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية بواسطة الصليب الأحمر.
- انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خلف الخط الأزرق.
- يتعهد مجلس الأمن الدولي بوضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت مظلة الأمم المتحدة حتى ترسيم الحدود وبتّ لبنانيتها بصورة نهائية.
- تسلم إسرائيل إلى الأمم المتحدة ما تبقى من خرائط الألغام.
3- يتم بسط سلطة الدولة اللبنانية كاملة على الأراضي اللبنانية حتى الحدود الدولية بواسطة القوى الأمنية.
4- تعزيز القوات الدولية وتوسيع نطاق عملها ومهامها.
5- تتخذ الأمم المتحدة الإجراءات اللازمة لتثبيت اتفاقية الهدنة والبحث في تطوير أحكامها.
6- تتعهد الأسرة الدولية بدعم لبنان لإعادة إعمار ما تهدم ولإعادة بناء اقتصاد وطني.
استمع الرئيس بري وسجلنا ما طرحه شطح وبدأ بالتعليق عليه قائلا:
أولاً، في الشكل:
على الرئيس السنيورة أن ينتبه إلى كيفية خروجه من بيروت لأن أي إذن من الإسرائيلي سيخلق مشكلة في الجو الإسلامي واللبناني عموماً.
ثانياً، في المضمون:
1- علينا الفصل بين وقف إطلاق النار وتسليم الأسرى إلى الدولة، حيث نؤكد على وقف إطلاق النار ونحدد فترة زمنية للتبادل أسبوعاً كحد أقصى، ويكون التفاوض من خلال الحكومة اللبنانية ونحن نلتزم إنجازه في هذا الوقت، ومن دون الإشارة إلى تسليمهما للسلطة اللبنانية.
2- إعطاء عودة المهجرين الأولوية، حيث تتلازم مع انسحاب إسرائيل إلى خلف الخط الأزرق.
3- التحدث بصراحة عن انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتسلم إلى قوات الطوارئ الدولية حتى إتمام عملية التحرير، مع حق أهلها في العودة إليها فور الانسحاب، ومع رفض الحديث عن تثبيت لبنانيتها لأن هذا أمر محسوم بالنسبة إلينا.
4- في ما يتعلق بتعزيز قوات الطوارئ، لم أفهم بدقة ما هو المقصود، علينا أن نكون واضحين برفض قوات متعددة الجنسية بتفويض أو بغير تفويض وبالتأكيد رفض الحديث عن قوات لحلف الأطلسي، أما زيادة عدد قوات الطوارئ الدولية فلا مشكلة بها على الإطلاق.
في كل الأحوال، أضاف الرئيس بري، أنا عند رأيي بأن نجزئ الحل إلى مرحلتين:
المرحلة الأولى: وقف إطلاق النار – تبادل الأسرى – عودة المهجرين.
المرحلة الثانية: كل البنود الباقية.
وهذا الطرح، أضاف بري، هو نتيجة الخوف من عرقلة بعض النقاط والوقوف عندها وتأخر عملية التنفيذ وبقاء الأمور مفتوحة.
أعاد د. شطح التركيز على أن المفتاح هو تسليم الأسرى إلى السلطة اللبنانية.
رد الرئيس بري بسرعة: يمكن الرئيس السنيورة أن يتعهد هناك أنه بعد وقف النار ننجز العملية في غضون أسبوع، وأنا أرتب الأمر مع «حزب الله». بمعنى أنه إذا اتفق غداً الأربعاء في المؤتمر على وقف النار تكون العملية منتهية الأربعاء المقبل.
قال شطح: لا أعتقد أن هذا يمشي، ولكن في كل الأحوال، سأتحدث به مع الرئيس السنيورة. ولكن ماذا عن القوة الدولية؟
رد بري: إذا طرحوا قوة متعددة فلتكن في الطرف الآخر من الحدود، داخل فلسطين.
غادر شطح لإبلاغ السنيورة واستكمال البحث.
فهم الرئيس السنيورة الرسالة التي حملها د. شطح ورسم خطاً لخطابه في روما حمل في بعض الجوانب تجاوباً مع ما قدمه الرئيس بري من دون أن يلتزم به بالكامل، ووزع كلمة موجهة إلى اللبنانيين لكنه عبّر عن تشاؤمه من التوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار.
فيلتمان: رايس ستعود الى بيروت
في هذا الوقت، كان السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان قد طلب موعداً مستعجلاً مع أنه كان مشاركا في اجتماع الاثنين 24 تموز مع رايس، وعند وصوله الى عين التينة، حاول أن يعكس أجواء إيجابية ومتطورة عن لقاء البارحة. وطرح الآتي:
[ إن موضوع الانسحاب من مزارع شبعا شبه منته، وأن الإسرائيليين يبدون استعداداً للانسحاب (لم يكن يحمل جديداً لأن رايس أبلغت الوزير فوزي صلوخ هذا الكلام أمس).
[ إن مطلب انسحاب «حزب الله» إلى شمالي نهر الليطاني لم يعد مطروحاً، بل المطلوب هو نزع سلاحه في منطقة جنوب النهر.
وأبلغ أن رايس ستعود إلى بيروت بعد انتهاء أعمال مؤتمر روما.
استمع الرئيس بري الى فيلتمان ولم يعلق، وأكد له اقتراحاته في اللقاء مع رايس، ولكن ما لفت انتباهه هو كيف أن الإسرائيلي يرسل استعداداً للانسحاب من مزارع شبعا في وقت يشكك بعض اللبنانيين بحق لبنان فيها ويطالبون بأن تثبت لبنانيتها.
بعد فيلتمان، التقى الرئيس بري السفير الفرنسي برنار إيمييه بحضور د. محمود بري، وتبين أنه لم يحمل أي مشروع جديد، بل تكرار للموقف السابق المتميز في الشكل لكنه في العمق هو الموقف الأميركي نفسه حيث لا اختلاف بينهما، برغم جهد السفير ايمييه في عكس استقلالية ما، وناقش التحضيرات لمؤتمر روما.
مؤتمر روما: بداية إشكال مع السنيورة
صباح الأربعاء في 26 تموز 2006، يوم انعقاد مؤتمر روما، سألني الرئيس بري إذا كان قد حصل شيء جديد بخصوص دور لإيطاليا، خصوصاً أن السفير الإيطالي في بيروت غبريال كيكيا، لم يطلب موعداً حتى الآن، فأبلغته أن لا شيء جديداً وأنه لم تحدد لائحة بأسماء الأسرى وجثث الشهداء لنكون مستعدين لعملية تبادل.
كانت الأنظار متجهة إلى المؤتمر الذي بدا منذ ما قبل انعقاده أنه محكوم بالسقف الذي رسمته كوندليسا رايس، وفيه تغطية لإسرائيل من أجل استكمال حربها.
أثناء انعقاد المؤتمر، التقى الرئيس بري وفداً من وسائل الإعلام الإيطالية وقدم مشروعاً للحل بواسطة إيطاليا، وأبدى الاستعداد لتنفيذه خلال أسبوع أو أيام أو خلال يوم واحد، ويقوم على:
- وقف فوري لإطلاق النار.
- ترعى إيطاليا عملية تبادل الأسرى في يوم واحد، وطرح فكرة عن الأعداد التي من الممكن أن يشملها التبادل.
- عودة المهجرين.
- الأمور السياسية الأخرى تناقش بكل إيجابية مع تأكيد سيادة الدولة على أراضيها.
في هذا الوقت، ألقى الرئيس السنيورة خطابه في مؤتمر روما وفيه:
1- وقف النار.
2- التعهد بإطلاق الأسرى والمحتجزين اللبنانيين والإسرائيليين عن طريق لجنة الصليب الأحمر الدولي.
3- انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خلف الخط الأزرق.
4- عودة النازحين إلى قراهم.
5- مزارع شبعا تحت سلطة الأمم المتحدة حتى ينجز الترسيم وبسط السلطة اللبنانية على هذه الأراضي.
6- تسليم خرائط الألغام.
7- بسط الحكومة سلطتها على كامل أراضيها عبر انتشار القوى المسلحة الشرعية ما سيؤدي إلى حصر السلاح والسلطة في الدولة اللبنانية كما الطائف.
8- تعزيز القوة الدولية العاملة في الجنوب وزيادة عديدها وعتادها وتوسيع مهامها ونطاق عملها.
9- العمل بالهدنة والبحث في التعديلات المحتملة عليها أو تطوير بنودها عند الضرورة.
تبين أن خطاب السنيورة أخذ بكثير من الملاحظات التي أبداها الرئيس بري، لكنه أعلن نقاطاً غير متوافق عليها خصوصاً ما يتعلق «بتشكيل قوة دولية يجب أن تكون مفوضة من الأمم المتحدة مع تعزيز عديدها وعتادها وتوسيع مهامها ونطاق عملها»، كما أثار التباساً نتيجة عدم وضوح الموقف من تحرير مزارع شبعا خصوصاً ما يتعلق بعودة أهلها إليها، وملاحظة أخرى حول التعديلات على اتفاقية الهدنة وتطوير بنودها والتي لم تكن قد نوقشت في ما بيننا سابقاً.
أرسى موقف الرئيس السنيورة بداية إشكال حاولنا قدر الإمكان أن لا يصل في هذه اللحظة إلى حدود الانقسام، وفي الوقت نفسه لم يكن من الممكن تجاهله، حيث كلفني الرئيس بري أن أعلن موقفا للإعلام وكان تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية عن إيجابية في ما يتعلق بالنقاط المتفق عليها في خطاب السنيورة، وأن هناك تحفظاً على نقاط أخرى كان يجب نقاشها داخلياً قبل الالتزام بها، وكان هذا الكلام محور نقاش الرئيس بري مع أسرة جريدة «السفير» بحضور الأستاذ طلال سلمان، في وقت كان سماحة السيد محمد حسين فضل الله يتحدث إلى قناة «الجزيرة» الفضائية من منزل الحاج عبد الله بري في بئر حسن ليقول إن المعركة هي سباق بين مشروع الأمة والاستسلام.
في كل الأحوال، كانت نتائج المؤتمر مخيبة للآمال، حيث بقي تحت سقف «الدعوة إلى العمل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار لا الدعوة اليه».
سجل الرئيس بري تعبيراً يفي بالغرض وهو «برغم أن كل الطرق تؤدي إلى روما، إلا أن روما الآن في واشنطن»، والحقيقة أن معظم العرب الحاضرين هم علناً مع وقف إطلاق النار وضمناً لا يريدون ذلك إلا بعد القضاء على المقاومة وخلق واقع جديد.
بري يعرض مبادرة على الايطاليين
صباح يوم الخميس في 27/7/2006 انتقلت إلى السفارة الإيرانية والتقيت أحد المسؤولين هناك، فقال إن هناك تحركات مستمرة باتجاه السعودية وإن معلومات استخبارات إحدى الدول الأفريقية والتي تقاطعت ومعلومات أميركية تفيد بوجود خطة معدة منذ سنة لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، وأضاف إن هناك وفداً فرنسياً من قبل الرئيس جاك شيراك وصل من خارج برنامج السفارة في بيروت، أعضاؤه أكدوا توافق الموقف الفرنسي مع الرئيس بري، أي وقف النار أولاً، لكنهم كرروا أن القرار الإسرائيلي عند رايس التي علينا أن ننتظر عودتها، فالمشكلة هي في غموض جوهر الموقف الإسرائيلي وإلى أي حد يريد أن تصل عمليته، وأشاروا إلى أن معلوماتهم أن رايس طلبت من قوى 14 آذار (أثناء اجتماعها معهم) أن تنشر القوات الدولية في كل المرافئ الأساسية، مطار بيروت، مرفأ بيروت وعلى الحدود البرية.
في اليوم نفسه، التقى الرئيس بري السفير الإيطالي بناء على طلبه في موعد مستعجل. جاء اللقاء في أجواء المعارك الضارية على محور بنت جبيل وتحقيق انتصارات مهمة للمقاومة وخسائر كبيرة في قوات النخبة الإسرائيلية.
بدأ الرئيس بري حديثه مع السفير كيكيا، بالإشادة بالدور الذي قامت به إيطاليا سنة 1983 والخدمات التي قدمتها على صعيد المستشفى المجاني، وأنها الوحيدة التي لم تواجه حينها، وقال له إن المقترح يشكل خدمة متبادلة حيث يعطي دوراً مهماً لإيطالياً في تسوية الوضع، وبدأ بشرح خطة التبادل للسفير الايطالي في حال الموافقة على إعلان وقف إطلاق النار:
-هبوط طائرتين إيطاليتين في تل أبيب وبيروت.
- تنطلق طائرة مع الأسرى اللبنانيين باتجاه قبرص وبمجرد وصولهم يصبح الأسيران الإسرائيليان في تصرفي.
- عندما تتوجه الطائرة من قبرص إلى بيروت يصبح الأسرى الإسرائيليون في مقر السفارة الإيطالية في حرم المجلس النيابي في وسط بيروت.
- عندما يصل الأسرى اللبنانيون إلى مطار بيروت يصعد الأسرى الإسرائيليون على الطائرة الإيطالية نفسها إلى إسرائيل.
سجل السفير كيكيا ما سمعه وذهب لإبلاغ حكومته ومن يريد لضمانة هذا الاتفاق إذا حصل.
تجنب التصويت والانقسام في مجلس الوزراء
طلب الرئيس بري من بعض الإخوة الحركيين أن ينتقلوا إلى الجنوب للاطلاع على الوضع والتواصل مع قيادات صيدا. أحببت أن أذهب معهم (الخميس 27 تموز)، ولم أبلغه لأنني كنت أعرف أنه لن يقبل، وهذا ما تبين حيث غضب وطلب عودتي فوراً لمتابعة أمور تتعلق بانعقاد جلسة مجلس الوزراء بعد الظهر.
كننا قد وصلنا إلى صيدا مع النائب علي بزي ومجموعة عبر طريق طويلة في الجبل بسبب انقطاع الطريق الساحلي، رحلة فيها من المغامرة بعد قصف جديد طاول معمل الكهرباء في الجية، تفقدنا الجرحى في مستشفى حمود واطمأنننا إلى الشباب في حارة صيدا، والتقينا السيدة بهية الحريري في منزلها في مجدليون، ثم ذهبنا إلى مقر النائب أسامة سعد.
على الطريق طلب مني الرئيس بري أن أتحدث مع الوزراء ليسجلوا في جلسة مجلس الوزراء تحفظاً على البنود التي أعلنها الرئيس السنيورة من دون اتفاق، وتحدثت في الوقت نفسه مع الحاج حسين الخليل لتنسيق الموقف، وخلال جلسة مجلس الوزراء حصل أكثر من اتصال مع الوزراء الذين نسقوا الموقف مع الوزير محمد فنيش حيث تم رفض اقتراح الرئيس السنيورة بالتصويت على تبني مضمون خطابه في روما مما جعله ولأكثر من مرة يجمع أغراضه في إشارة انسحاب مقابل اصرار على رفض الامر لانه مخالف للتوافق من جهة ولان الموضوع لم يكن أساسا على جدول الاعمال من جهة ثانية، عندها تحدث الرئيس إميل لحود داعيا للحفاظ على وحدة الحكومة لان المعركة ما زالت مفتوحة، فسجلنا تحفظا على نقاط الخلاف واتفقنا على اعتبار ان اي نقطة ستنفذ لاحقا يجب العودة الى مجلس الوزراء للاقرار... وهكذا تجنبنا الانقسام والتصويت معا.
عند الساعة السابعة، التقينا في عين التينة مع الحاج حسين الخليل وإحدى الشخصيات المهتمة.
نقل الرئيس بري ما جرى مع السفير الإيطالي والطرح الذي قدمه وأن ضمانته في لجنة من دول عدة تتعاون مع سوريا وإيران في مناقشة الأمور الأخرى خارج وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
جرى نقاش عودة رايس إلى لبنان ومعها مقررات مؤتمر روما، وأنه علينا أن نصوغ مقترحات محددة حيث اعاد الرئيس بري صياغة الموقف وفق التالي:
1- وقف إطلاق نار دائم.
2- تبادل أسرى وجثامين الشهداء.
3- عودة المهجرين.
4- خرائط الألغام.
5- رفض قوات متعددة ولسنا ضد زيادة عدد وعدة قوات الطوارئ الدولية وفق مهامها.
6- لا مانع من تعزيز انتشار الجيش اللبناني الموجود أصلاً في الجنوب.
7- عند طرح قوات متعددة يكون الرد ان تنتشر من جهة إسرائيل وليس على الجهتين.
8- تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والسماح للأهالي بالعودة.
9- أمر أطرحه للمناورة وهو طلب تعويضات من إسرائيل عن حربها.
والتأكيد أن الحل على مرحلتين.
سأل الحاج حسين: هل في المرحلة الثانية نعتمد الترتيب نفسه؟
قال الرئيس بري: لا يهم لأن «اليونيفيل» موجودة وكذلك الجيش، واقتراحي محدد وهو أن لا تعديل في مهام «اليونيفيل»، وعندما طرحوا تجربة كوسوفو قلت: هناك تصفيات عرقية وهنا عملية تحرير للأرض.
وقال الرئيس بري إن السنيورة نقل له أنه ناضل من أجل أن تكون القوات بإمرة الأمم المتحدة مع توسيع مهامها ودورها لأن المقترح أن تكون من حلف الأطلسي وأن الذي ساعده هو الرئيس جاك شيراك، وكان رد الرئيس بري: برغم هذا، المشكلة واقعة.
طلب الرئيس بري أن يحصل تدقيق في الموقف وأن نلتقي مجدداً لأننا أمام محطة تاريخية.
بعدها تحدث الرئيس بري عن طرح رئيس البرلمان الإيراني لاريجاني عقد مؤتمر برلماني إسلامي للتضامن مع لبنان، وأنه اقترح عليه أن يعقد في الرياض برغم أنه يعرف أن المؤتمرات لا تفيد بشيء.